تشهد الصين تصعيداً ملحوظاً في رقابتها على الإنترنت، حيث تسعى السلطات إلى فرض قيود أشد على المعلومات ومراقبة النقاشات السياسية على الشبكة، وفقاً لما أفادت به صحيفة "الغارديان".
تشمل الإجراءات التقييدية التي تفرضها السلطات الصينية، والتي تعرف بـ "الجدار الناري العظيم"، حظر المواقع الأجنبية الشهيرة، إلى جانب مراقبة وملاحقة الأفراد الذين يحاولون تجاوز هذه القيود. وتبرز تفاصيل هذه الإجراءات في قصة الطالب الجامعي دوان (اسم مستعار)، الذي تمكن أواخر العام الماضي من تجاوز جدار الرقابة الإلكترونية باستخدام شبكة افتراضية خاصة (VPN) للوصول إلى منصة "ديسكورد" المحظورة في البلاد. هناك، انضم إلى مجموعة افتراضية تضم آلاف الأعضاء يناقشون قضايا سياسية متنوعة حول الديمقراطية والأناركية والشيوعية.
لكن بعد أشهر قليلة، استدعت الشرطة دوان وعدداً من أعضاء المجموعة للتحقيق في يوليو. تم احتجاز دوان لمدة 24 ساعة واستجوابه حول علاقته بالمجموعة التي أسسها مدون الفيديو الشهير يانغ مينغهاو. ورغم إطلاق سراحه دون توجيه تهم، إلا أن القلق يساور دوان ومتابعي يانغ الآخرين حول مصير المدون الذي انقطعت أخباره منذ ذلك الحين.
تعكس هذه الحادثة التوجه المتزايد في نظام الرقابة الصيني، حيث أصبحت المتابعات السرية للحسابات غير المرغوب فيها أمراً شائعاً، حسبما أفادت صحيفة "الغارديان". وتقول مايا وانغ، نائبة مدير قسم الصين في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، للصحيفة: "لم يسبق أن شهدنا استجواباً لمتابعي المؤثرين بهذا المستوى من قبل".
لم ترد وزارة الأمن العام الصينية ومكتب الأمن العام المحلي على استفسارات الصحيفة بشأن قضية دوان ورفاقه. وتعتبر الصحيفة أن معاقبة الأفراد على تعليقاتهم الإلكترونية أمر شائع في الصين، إلا أن ملاحقة متابعي المؤثرين المعارضين تعد ظاهرة جديدة ومتزايدة.
في هذا السياق، أفاد مدونان صينيان بارزان آخران بتعرض متابعيهم للاستجواب هذا العام، من بينهم وانغ تشي آن، الصحفي الصيني المقيم في اليابان. وتعليقاً على هذا التطور، قالت وانغ: "نشهد تكثيفاً للقمع، حيث انتقلت الشرطة من استهداف النشطاء في العالم الواقعي إلى ملاحقة الناشطين الرقميين. هذا التحول يعكس انتقال الكثير من أنشطة المعارضة إلى الفضاء الافتراضي، حيث أصبحت أكثر تخفياً".
في ديسمبر، أعلن لي تونغ، مسؤول في مكتب الأمن السيبراني التابع لوزارة الأمن العام، أن الحكومة قد حددت عام 2024 كـ "عام الحملة الخاصة لمكافحة وتصحيح الشائعات الإلكترونية". وقد تبنت السلطات المحلية هذا التوجه بحماس، ففي يوليو، أعلنت مقاطعة غوانغدونغ أنها تعاملت مع أكثر من ألف حالة من "الشائعات الإلكترونية" و"المتصيدين الإلكترونيين" هذا العام.
إضافة إلى "الجدار الناري الرقمي" الذي يمنع معظم المستخدمين من الوصول إلى مواقع أجنبية مثل غوغل وفيسبوك وواتساب، غالباً ما يجد ناشرو المحتوى بشأن مواضيع حساسة أو منتقدة للحكومة أنفسهم محظورين من المواقع أو معرضين لعقوبات أشد. في العام الماضي، حُكم على نينغ بين بالسجن لأكثر من عامين لنشره تعليقات اعتبرت "غير لائقة" و"معلومات كاذبة" على منصتي أكس وبينكونغ.
تلاحظ الصحيفة أيضاً أن حتى القوميين المتشددين لم يسلموا من هذه الرقابة، حيث حُظر هو شيجين، المعلق المؤثر والمؤيد للحكومة، من وسائل التواصل الاجتماعي بعد إدلائه بتعليقات تتعارض مع الرؤية الرسمية للحكومة الصينية.
إرسال تعليق