تثير البرمجيات المتخصصة في المركبات الكهربائية تساؤلات مهمة حول خصوصية السائقين وسلامتهم في مختلف أنحاء العالم. مع تقدم التكنولوجيا، تتحول السيارات إلى هواتف ذكية على عجلات، مما يجعل الفواصل بين الفضاء العام والخاص تتلاشى.
تتواجد بالفعل السيارات الذكية المتصلة بالإنترنت على الطرق في العديد من الدول، حيث أصبح الوصول عن بُعد إلى السيارات ميزة شائعة. في بعض المدن الصينية، تعمل سيارات الأجرة ذاتية القيادة، لكن هذه الراحة تأتي مع مخاوف بشأن من يمكنه الوصول إلى بيانات القيادة والمعلومات الشخصية للسائقين.
تعتبر إدارة بايدن السيارات والتكنولوجيا الصينية تهديداً للأمن القومي، حيث تخشى من إمكانية تجسسها على السائقين. لهذا السبب، اتخذت الإدارة خطوات لحظر البرمجيات الصينية المستخدمة في توصيل السيارات بالإنترنت. من جهة أخرى، اتهمت بكين واشنطن باستغلال "مخاوف الأمن القومي" كذريعة للتحرك ضد الشركات الصينية.
مع تزايد البيانات الشخصية المتوقعة التي ستجمعها السيارات المتصلة، ليس فقط من تلك المصنعة في الصين، بل من كافة الشركات حول العالم، فإن الحظر المقترح ينبغي أن ينظر إليه على أنه يتجاوز مجرد نزاع تجاري. بل هو يثير أسئلة جوهرية حول خصوصية وسلامة السائقين.
شهدت مبيعات السيارات الكهربائية زيادة ملحوظة، وأصبحت هذه المركبات تُعتبر بشكل متزايد كمركبات تعتمد على البرمجيات. حالياً، نحو تسعة وسبعين بالمائة من السيارات الكهربائية متصلة بالإنترنت.
تقدم السيارات الذكية المتصلة العديد من المنافع وميزات السلامة المتقدمة، مثل أنظمة منع التصادم والتحليل الفوري للبيانات، ما يساعد في تقليل الحوادث وزيادة الأمان. بالإضافة إلى ذلك، تسهم الوظائف الذاتية القيادة في توفير وسائل نقل ملائمة للمسنين، كما تتيح للمصنعين تحديث برمجيات السيارات عن بُعد، ما يساعد في تحسين حركة المرور وتقليل الانبعاثات الكربونية.
تتقدم الشركات الصينية المصنعة للسيارات بشكل ملحوظ في هذا المجال، حيث أصبحت فترة تطوير النماذج الجديدة أسرع بمعدل ثلاثين بالمائة مقارنة بنظيراتها التقليدية. تشير البيانات إلى أن أكثر من ستين بالمائة من المركبات الجديدة التي تعمل بالطاقة المتجددة في الصين هذا العام تأتي مزودة بميزات مساعدة متقدمة للسائق.
تعتبر "أبوللو جو"، ذراع سيارات الأجرة ذاتية القيادة التابعة لمجموعة بايدو الصينية، مثالاً بارزاً في هذا المجال، حيث تستطيع سيارات الشركة التعامل مع معظم ظروف القيادة بشكل مستقل. الأهم من ذلك هو أن "بايدو" تمكنت من خفض تكاليف سياراتها ذاتية القيادة بشكل كبير، حيث تبلغ تكلفة الجيل السادس منها حوالي ثمانية وعشرين ألف وخمسمائة دولار، وهو نصف تكلفة النموذج السابق.
ومع ذلك، يواجه العديد من مصنعي السيارات، بما في ذلك "بي واي دي" و"نيو"، تحديات مالية بالرغم من نمو مبيعاتهم، مما يضطر بعضهم إلى استخدام برمجيات تحتوي على تكنولوجيا صينية. وبحسب تقديرات جولدمان ساكس، من المتوقع أن تصل السوق العالمية لسيارات الأجرة ذاتية القيادة إلى خمسة وعشرين مليار دولار بحلول عام ألفين وثلاثين.
تتزايد المخاطر المحتملة المتعلقة بالسيارات الكهربائية، إذ يتطلب استخدام التكنولوجيا الحديثة جمع بيانات كثيفة. مما يعني وجود خطر، حتى لو كان ضئيلاً، يتمثل في إمكانية تعرض السيارات المتصلة لهجمات سيبرانية.
قد تؤدي الاختراقات المحتملة إلى الوصول إلى وظائف السيارات عن بُعد، مما يهدد سلامة السائقين. ويخشى الخبراء أيضاً من إمكانية تحويل السيارات ذاتية القيادة المخترقة إلى أسلحة.
إن السباق نحو السيارات الذكية ذاتية القيادة يتجاوز حوارات الخصوصية ومخاطر الأمن السيبراني. كما أن إغلاق الحدود التجارية قد يحرم بعض الدول من الابتكارات الجديدة. وفي ظل عدم إيجاد الحكومات توازناً بين المخاطر والمكافآت، قد يكون من الحكمة التوجه نحو الحذر في هذا المجال.
إرسال تعليق