تمكن فريق بحثي من تطوير نظام تشخيصي مبتكر يجمع بين تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة وبيئات الواقع الافتراضي الغامرة، ليحقق طفرة في مجال الكشف المبكر عن اضطراب طيف التوحد لدى الأطفال. هذا النظام الجديد استطاع تجاوز حدود الأساليب التقليدية ليحقق دقة تشخيصية تخطت حاجز 85%.
يعمل النظام من خلال مراقبة وتحليل أنماط الحركة واتجاهات النظر لدى الأطفال أثناء تفاعلهم مع مهام محددة في بيئة افتراضية مصممة بعناية. هذه الطريقة توفر ظروفًا أكثر طبيعية مقارنة ببيئات الفحص التقليدية، مما يسمح بملاحظة ردود فعل أقرب إلى السلوكيات اليومية الحقيقية للأطفال.
يقول البروفيسور ماريانو الكانيز، مدير معهد Human-Tech بجامعة البوليتكنيك في فالنسيا، إن هذه التقنية تمثل نقلة نوعية في مجال تشخيص التوحد. فباستخدام شاشات عرض كبيرة وكاميرات تجارية متوفرة، أصبح بالإمكان تحويل أي عيادة أو مركز متخصص إلى بيئة تشخيصية متكاملة بتكلفة معقولة.
يعتمد النظام على خوارزميات تعلم عميق متطورة قادرة على تحليل عشرات المؤشرات السلوكية والحركية الدقيقة التي يصعب على العين البشرية ملاحظتها. هذه الخوارزميات تم تدريبها على كميات هائلة من البيانات لتتمكن من التمييز بين الأنماط السلوكية الطبيعية وتلك المرتبطة باضطراب طيف التوحد.
أظهرت الاختبارات أن النظام الجديد المسمى 3DCNN ResNet تفوق بشكل واضح على الأساليب التشخيصية التقليدية التي تعتمد على الملاحظة المباشرة والتقييم اليدوي. كما أظهر قدرة فائقة على تحليل البيانات الحركية المعقدة التي ترتبط باضطراب طيف التوحد.
يؤكد الباحث ألبرتو ألتوزانو، أحد مطوري النظام، أن هذا الابتكار يفتح آفاقًا جديدة لفهم أعمق للاضطرابات الحركية المرتبطة بالتوحد. فبالإضافة إلى دقته التشخيصية العالية، يوفر النظام إمكانيات كبيرة للبحث العلمي في مجال تحليل أنماط الحركة أثناء المشي أو الكلام أو أداء المهام المختلفة.
بعد ثماني سنوات من الأبحاث المكثفة بالتعاون مع مركز Red Cenit المتخصص، يرى الفريق البحثي أن هذا النظام يشكل نقلة نوعية في مجال التشخيص المبكر للتوحد. فهو لا يقتصر على تحسين دقة التشخيص فحسب، بل يقلل أيضًا من التكاليف ويسهل عملية الفحص، مما قد يسهم في توسيع نطاق الكشف المبكر عن الاضطراب.
مع تزايد معدلات تشخيص اضطراب طيف التوحد عالميًا، يأتي هذا الابتكار ليمثل أداة واعدة في تحسين جودة حياة آلاف الأطفال من خلال تمكين التشخيص المبكر والدقيق، مما يفتح الباب أمام التدخلات العلاجية الفعالة في المراحل العمرية الحرجة.
إرسال تعليق