يشهد العالم تحولاً جذرياً بفضل الذكاء الاصطناعي الذي لم يعد مجرد تقنية واعدة بل أصبح محركاً أساسياً للنمو الاقتصادي ورفع الإنتاجية. كشفت دراسة حديثة لشركة PwC بعنوان "مؤشر وظائف الذكاء الاصطناعي العالمي 2025" عن حقائق مذهلة حول تأثير هذه التقنية على سوق العمل، حيث تضاعفت معدلات الإنتاجية أربع مرات في القطاعات الأكثر تبنيًا للذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي يعزز الإنتاجية ويحفز الأجور
أظهرت الدراسة التي اعتمدت على تحليل مليار إعلان وظيفي وتقارير مالية من ست قارات أن القطاعات الرائدة في تبني الذكاء الاصطناعي مثل الخدمات المالية وتطوير البرمجيات شهدت قفزة في الإنتاجية بنسبة 27% مقارنة بـ 7% في السنوات السابقة. كما ارتفعت الإيرادات لكل موظف في هذه القطاعات إلى ثلاثة أضعاف، مما يؤكد أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بدأ يؤتي ثماره على أرض الواقع.
وفي مفاجأة تدحض المخاوف التقليدية، كشفت البيانات أن الموظفين في الوظائف المعززة بالذكاء الاصطناعي حصلوا على زيادات في الأجور تصل إلى 56%، مع استمرار نمو الوظائف حتى في المجالات التي كانت تعتبر معرضة لخطر الأتمتة.
مفارقة الوظائف.. الأتمتة لا تقتل الفرص بل تخلق أخرى
خلافاً للتوقعات السابقة، لم تسجل الدراسة أي تراجع في أعداد الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، بل على العكس، فقد نمت الوظائف المرتبطة بهذه التقنية بنسبة 38%، بينما حققت المهن الأقل ارتباطاً بها نمواً بنسبة 65%.
وركزت الدراسة على نوعين رئيسيين من الوظائف:
- الوظائف القابلة للتعزيز: حيث يدعم الذكاء الاصطناعي العاملين لتحسين الكفاءة وزيادة الإنتاجية.
- الوظائف القابلة للأتمتة: التي يمكن للذكاء الاصطناعي إنجازها كلياً أو جزئياً.
المفاجأة كانت أن كلا النوعين شهدا نمواً، وإن كان أسرع في الوظائف المعززة، مما يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يحل محل البشر بل يعزز أداءهم.
مهارات جديدة.. وشهادات تقليدية تفقد بريقها
كشفت الدراسة عن تحول جوهري في متطلبات سوق العمل، حيث تتغير المهارات المطلوبة بنسبة 66% أسرع في المهن الأكثر تعرضاً للذكاء الاصطناعي. كما لوحظ تراجع في طلب الشهادات الجامعية، خاصة في الوظائف المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، حيث انخفضت النسبة من 66% إلى 59% خلال خمس سنوات.
النساء في الصدارة.. ولكن بتحديات أكبر
أظهرت النتائج أن النساء يتفوقن على الرجال في شغل الوظائف التي تتطلب مهارات الذكاء الاصطناعي، مما يشير إلى أن الضغوط التكنولوجية والتحديات المهنية ستكون أكبر عليهن في المستقبل.
الخلاصة: الذكاء الاصطناعي ليس خياراً بل ضرورة
تؤكد الدراسة أن الذكاء الاصطناعي لم يعد رفاهية تقنية، بل أصبح عاملاً حاسماً في تحديد الفجوة بين الشركات الرائدة والمتأخرة. مع استمرار تسارع التحول التكنولوجي، يصبح التكيف مع هذه التقنية أمراً حتمياً للبقاء في المنافسة.
الدرس الأكبر هنا هو أن الذكاء الاصطناعي لا يسرق الوظائف، بل يغير طبيعتها، مما يتطلب من العمال والشركات التكيف بسرعة مع هذا التحول الكبير.
إرسال تعليق