في خطوة جديدة تؤكد تصاعد الصراع التقني بين الصين والولايات المتحدة، شددت السلطات الصينية مؤخرًا إجراءاتها على واردات الرقاقات الإلكترونية، ضمن خطة تهدف إلى تقليص اعتماد شركاتها المحلية على رقاقات الذكاء الاصطناعي الأمريكية، وعلى رأسها تلك التي تنتجها شركة إنفيديا العملاقة.
وذكرت تقارير أن فرقًا من ضباط الجمارك انتشرت في الموانئ الصينية الكبرى خلال الأسابيع الماضية لتنفيذ عمليات تفتيش دقيقة على شحنات أشباه الموصلات، وذلك تنفيذًا لتعليمات حكومية جديدة تشجع الشركات المحلية على وقف شراء رقاقات إنفيديا الموجهة للسوق الصينية.
في البداية، ركزت عمليات التفتيش على رقاقات H20 و RTX Pro 6000D اللتين صُممتا خصيصًا لتتوافقا مع القيود الأمريكية المفروضة على الصادرات، لكن سرعان ما توسعت الرقابة لتشمل جميع أنواع الرقاقات المتقدمة، في محاولة لمنع تهريب الشرائح عالية الأداء المحظورة بموجب اللوائح الأمريكية.
وبحسب مصادر مطلعة، كانت الصين في السابق تسمح باستيراد هذه الرقاقات طالما تم دفع الرسوم الجمركية المطلوبة، إلا أن السلطات شددت قبضتها بعد رصد عمليات تهريب ضخمة قُدرت قيمتها بأكثر من مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط، وهو ما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لحماية قطاعها التقني.
وتعكس هذه الخطوة إصرار بكين على تسريع استقلالها التقني وتعزيز قدرات شركاتها المحلية في مجال أشباه الموصلات لتنافس الشركات الأمريكية مثل إنفيديا، إذ تعمل الجمارك حاليًا على التحقيق في حالات استيراد غير دقيقة تخص شرائح متقدمة تم تمريرها بتصريحات مغلوطة.
في السياق ذاته، كشفت صحيفة فايننشال تايمز عن خضوع شركة التداول الأمريكية Tower Research لتحقيقات تتعلق بتهريب مكونات إلكترونية متطورة، من بينها رقاقات ذكاء اصطناعي، وهو ما زاد من حدة التوتر بين الجانبين.
وكانت إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين قد أصدرت في منتصف سبتمبر توجيهات لشركات تقنية كبرى مثل بايت دانس وعلي بابا تطالبها بإيقاف جميع طلباتها واختباراتها لمنتجات إنفيديا الجديدة، بالتوازي مع بدء تنفيذ هذه الرقابة الجمركية الموسعة.
وتأتي هذه الإجراءات بعد شهرين من قرار الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب برفع الحظر عن بعض معالجات إنفيديا مثل H20، إلى جانب إطلاق الشركة لمعالج مخصص للسوق الصينية يحمل اسم RTX Pro 6000D، لكن يبدو أن الصين لم تعد راغبة بالاعتماد على هذه المعالجات حتى مع تخفيف القيود.
وترى السلطات الصينية أن الرقاقات المحلية بدأت تضاهي أداء منتجات إنفيديا المخصصة للسوق الصينية، في حين تخطط بكين لرفع إنتاجها من أشباه الموصلات المتقدمة إلى ثلاثة أضعاف خلال العام المقبل لتلبية الطلب المحلي المتزايد وتعزيز استقلالها التكنولوجي.
وتجدر الإشارة إلى أن الصين كانت تشكل في السابق واحدة من أكبر أسواق إنفيديا، حيث حققت الشركة نحو 4.6 مليارات دولار من مبيعات معالجات H20 خلال الربع الأول من سنتها المالية، قبل أن تفرض الولايات المتحدة قيودًا جديدة على تصدير هذه الرقاقات، ما أشعل سباقًا محمومًا بين البلدين للسيطرة على مستقبل الذكاء الاصطناعي.
إرسال تعليق