أصبحت ميزة ملخصات جوجل الذكية أكثر من مجرد أداة تقنية على محرك البحث، فقد تحولت إلى نقطة فارقة في طريقة استهلاك الأخبار حول العالم. منذ إطلاقها في مايو العام الماضي، ارتفع معدل ما يُعرف بالنقرات الصفرية بشكل لافت، إذ انتهت غالبية الاستفسارات دون أن ينقر المستخدم على أي موقع إخباري، ما يعكس تغييرا جذريا في سلوك القُراء وأثر واضح على حركة المرور الرقمية للمواقع الإخبارية.
تراجع إجمالي الزيارات العضوية لمواقع الأخبار بشكل ملحوظ، حيث انخفض من أكثر من مليارين وثلاثمائة مليون زيارة منتصف العام الماضي إلى أقل من مليار وسبعمائة مليون زيارة بحلول مايو الحالي، وفقا لبيانات منصة سيميلير ويب المتخصصة في تحليل البيانات الرقمية. ومع أن الملخصات الذكية بدأت كأداة لتسهيل الوصول السريع للمعلومات، إلا أنها أصبحت اليوم عامل ضغط كبير على صانعي الأخبار، واضطرارهم لإعادة التفكير في أساليب الوصول للقراء والحفاظ على تأثيرهم في عالم أصبح فيه الذكاء الاصطناعي النافذة الأولى على الأخبار.
أظهرت دراسة لمركز بيو للأبحاث أن أكثر المصادر استشهادا في الملخصات الذكية كانت ويكيبيديا ويوتيوب وريديت، إذ شكلت هذه المواقع الثلاثة نسبة ملحوظة من المصادر المستخدمة، بينما كانت المواقع الحكومية أكثر حضورًا في الملخصات الذكية مقارنة بنتائج البحث التقليدية، في حين بقيت الإشارات إلى المواقع الإخبارية متساوية نسبيا. كما بينت الدراسة أن الملخص الذكي النموذجي يتكون في المتوسط من سبعة وستين كلمة، مع تفاوت بين أقصر وأطول الملخصات، وأن الاستفسارات الطويلة أو الأسئلة الكاملة تزيد احتمالية توليد ملخصات الذكاء الاصطناعي مقارنة بالبحث القصير أو بكلمة واحدة فقط.
تأثير الملخصات الذكية أصبح واضحا على حركة المرور، حيث شهدت سبع وثلاثون من بين أفضل خمسين موقعا إخباريا انخفاضا مقارنة بالعام الماضي، بينما سجلت منصات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي نموا كبيرا كقناة جديدة لتوزيع الأخبار، إذ ارتفعت الإحالات من أقل من مليون زيارة في العام الماضي إلى أكثر من خمسة وعشرين مليون زيارة هذا العام. وقد أظهر التقرير تفاوت أداء وسائل الإعلام المختلفة، مع زيادة ملحوظة لمواقع مثل رويترز ونيويورك بوست وبيزنس إنسايدر.
في المملكة المتحدة، بدأت الناشرين يشعرون بتأثير هذه الملخصات على معدلات النقر، ما دفع بعض المؤسسات القانونية لتقديم شكاوى تتعلق بالسيطرة على محتوى الصحفيين واستغلاله لتحقيق الأرباح دون الاعتراف بمصدره. وأكد المسؤولون التنفيذيون في الإعلام المستقل أن الوضع الحالي يهدد قدرة المؤسسات على الوصول إلى قرائها ويضعف الإعلام الحر.
ورغم جهود جوجل في تقديم أدوات جديدة للناشرين، مثل أداة Offerwall لتجربة تحقيق الإيرادات خارج الإعلانات التقليدية، فإن الصناعة تواجه ضغوطا كبيرة تشمل تسريح الموظفين والتكيف مع تحول طرق استهلاك الأخبار. كما أقر مسؤولون في مجال الذكاء الاصطناعي بأن الاعتماد السريع على هذه التقنيات يخلق ضغطا اقتصاديا ويهدد بعض الوظائف بالكامل، ما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي.
إرسال تعليق