قال بيل غيتس مؤسس مايكروسوفت وأحد أبرز وجوه التكنولوجيا حول العالم إن الذكاء الاصطناعي يمثل أكبر تحول تقني في العصر الحديث، بل إنه يفوق في تأثيره ثورة الإنترنت التي غيّرت العالم قبل عقود. وأكد أن البشرية تقف اليوم أمام مرحلة جديدة كليًا ستعيد رسم ملامح الاقتصاد والتعليم وسوق العمل بطرق لم يشهدها العالم من قبل.
وفي حديثه مع قناة CNBC أوضح غيتس أن الذكاء الاصطناعي هو أعظم حدث تقني في حياته، مؤكدًا أن تأثيره الاقتصادي والاجتماعي سيكون أوسع مما يمكن تخيله. وأضاف أن هذه التقنية لا تمثل مجرد أداة بل تمثل الذكاء ذاته، فهي قادرة على تقديم استشارات طبية وتعليمية والمساعدة في تطوير الأدوية، معتبرًا أن ما يحدث اليوم يشبه ثورة الإنترنت وربما يتجاوزها في قيمته الاقتصادية وتأثيره العالمي.
وأشار غيتس إلى أن حالة الحماسة الاستثمارية التي يشهدها قطاع الذكاء الاصطناعي تذكّره بفقاعة الإنترنت قبل نحو عقدين، موضحًا أن كثيرًا من الشركات ستفشل بينما ستبرز قلة قليلة قادرة على البقاء والنجاح طويل الأمد. وقال إن السوق اليوم يشهد مشاريع كثيرة مكررة تستهلك رأس المال دون جدوى، لكن الشركات التي تملك رؤية واضحة ومنتجات حقيقية ستصمد وتزدهر كما حدث مع الإنترنت في بداياته.
وتتقاطع رؤية غيتس مع آراء شخصيات أخرى بارزة في صناعة التكنولوجيا مثل سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI الذي تحدث عن حماسة مفرطة تحيط بالذكاء الاصطناعي، وكذلك جيف بيزوس مؤسس أمازون الذي وصف الوضع الحالي بأنه يشبه الفقاعة لكنه أشار إلى أن التقنية نفسها حقيقية وستعود بفوائد هائلة على المجتمع في النهاية.
وأوضح غيتس أن السباق بين شركات التقنية الكبرى أصبح مفتوحًا على مصراعيه، مؤكدًا أنه لا يمكن لأي شركة ترغب في البقاء أن تنسحب من سباق الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك حذّر من القرارات المتسرعة في بناء مراكز البيانات أو شراء رقاقات المعالجة دون دراسة دقيقة لتكاليف الطاقة والعائد المستقبلي.
وبيّن أن سرعة التطور في الذكاء الاصطناعي فاقت كل التوقعات، متوقعًا أن السنوات الخمس المقبلة ستشهد قفزات هائلة في قدرات النماذج اللغوية والتطبيقات الذكية. لكنه في المقابل دعا إلى التروي في التقييمات المالية لتلك الشركات حتى لا تتكرر أخطاء الماضي.
وتحدث غيتس أيضًا عن تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، مؤكدًا أن الأتمتة ستغير شكل الوظائف في المستقبل القريب، داعيًا الحكومات والشركات إلى الاستثمار في التعليم والتدريب المهني حتى يتمكن الناس من التكيف مع المرحلة الجديدة بدلًا من الخوف منها.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي ليس موجة عابرة، بل هو نقلة حضارية كبرى ستعيد تشكيل الاقتصاد العالمي ونظم التعليم والرعاية الصحية والإنتاج الصناعي. وقال إن القيمة الحقيقية لهذه التقنية ستتحقق فقط عندما تصبح أدواتها متاحة للجميع لا حكرًا على الشركات الكبرى، عندها فقط سيلمس العالم جوهر هذا التحول التاريخي.

إرسال تعليق