تسعى بعض أكبر الشركات في العالم حاليًا إلى استخدام التكنولوجيا المتقدمة للذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات سلاسل التوريد المعقدة. يأتي ذلك نتيجة لمواجهتها لتحديات جيوسياسية وضغوط للامتثال لمعايير حماية البيئة وحقوق الإنسان.
تعد شركات مثل Unilever وSiemens وMaersk من بين الرواد في استخدام الذكاء الاصطناعي للتفاوض على العقود والعثور على موردين جدد والتعامل مع القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، مثل القمع الذي يتعرض له المسلمون الأويغور في إقليم شينجيانغ بالصين.
تقدم تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدية فرصًا أكبر لتحقيق التأتبع الذاتي للعمليات، وذلك رغم استخدام الدعم الذكاء الاصطناعي في إدارة سلاسل التوريد لسنوات.
شهدت الشركات العالمية الكثير من التحديات خلال جائحة فيروس كورونا والتوترات الجيوسياسية المتزايدة، مما زاد حاجتها لمراقبة الموردين والعملاء والتكيف مع التغيرات.
في الدول مثل ألمانيا، فإن وضع قوانين جديدة لسلاسل التوريد التي تتطلب من الشركات مراقبة قضايا البيئة وحقوق الإنسان، أدى إلى زيادة الاهتمام والاستثمار في هذا المجال.
شهد العام الماضي تغيرات كبيرة بفضل ظهور التكنولوجيا التوليدية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن استخدامها في إنشاء روبوتات الدردشة وبرامج أخرى تكون قادرة على توليد استجابات لاحتياجات البشر.
قامت شركة (ميرسك) Maersk، إحدى أكبر شركات الشحن البحري في العالم، في ديسمبر الماضي بتقديم تمويل بقيمة 20 مليون دولار لشركة (باكتوم) Pactum، وهي شركة مطورة لروبوتات الدردشة التي تتفاوض على العقود مع الموردين لشركات Maersk وWalmart وWesco.
صرح كاسبار كورجوس، الشريك المؤسس لشركة (باكتوم)، قائلاً: "عندما تحدث حروب أو أوبئة أو اضطرابات في سلسلة التوريد، فإن الوصول إلى الموردين يصبح ضرورياً، وهنا يأتي دور روبوت الدردشة الخاص بنا الذي يتفاوض على صفقات تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات نيابة عن العديد من الشركات".
على نفس النحو، قامت شركة سيمنز الصناعية الألمانية، ومثيلاتها من الشركات العالمية، بتعزيز جهودها للحد من اعتمادها على الموردين الصينيين. حيث استخدمت الشركة خدمات Scoutbee، وهي شركة ناشئة في برلين، والتي طورت هذا العام روبوت دردشة يستجيب لطلبات تحديد موردين بديلين أو نقاط ضعف في سلسلة التوريد.
وقال جريجور ستولر، الرئيس التنفيذي لشركة Scoutbee: "تمكنت Unilever، وهي عميل آخر لشركة الناشئة الألمانية، من تحديد موردين جدد أثناء إغلاق الصين خلال جائحة كوفيد-19".
من جهة أخرى، استخدمت شركة الناشئة (ألتانا أطلس) Altana Atlas، التي تخدم شركات الشحن الدنماركية ميرسك وسلطات الحدود الأمريكية، مليارات البيانات بلغات مختلفة، بما في ذلك الإعلانات الجمركية ووثائق الشحن وغيرها من البيانات، لإنشاء خريطة تربط 500 مليون شركة حول العالم.
يستطيع عملاء (ألتانا أطلس) Altana Atlas استخدام منصتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتتبع المنتجات حتى الموردين فيشينجيانغ، أو لتحديد ما إذا كانت منتجاتهم تستخدم في أنظمة الأسلحة الروسية.
ووفقًا لاستطلاع حديث، يخطط ما يصل إلى 96 بالمائة من خبراء سلسلة التوريد لاستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أن النسبة المئوية للمستخدمين الفعليين كانت تبلغ 14 بالمائة فقط.
ويعتقد ما يقرب من ثلث الخبراء أن استخدام الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تسريح أعداد كبيرة من الموظفين، مما يعكس المخاوف المتعلقة بتأثير التكنولوجيا على الاستقرار الوظيفي.
إرسال تعليق