أعلن مجلس أوروبا عن بدء توقيع أول معاهدة دولية ملزمة قانوناً بشأن الذكاء الاصطناعي، وذلك يوم الخميس، لتجمع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الدول التي شاركت في التفاوض حولها. تهدف هذه المعاهدة إلى معالجة المخاطر المحتملة التي يشكلها الذكاء الاصطناعي، مع تعزيز الابتكار المسؤول في هذا المجال.
وتأتي هذه المعاهدة بعد سنوات من الإعداد والمناقشات بين 57 دولة، وقد تم اعتمادها في مايو الماضي. وفي تصريح لوزيرة العدل البريطانية شابانا محمود، تم التأكيد على أن المعاهدة تشكل خطوة هامة لضمان استفادة المجتمع من التقنيات الجديدة دون المساس بقيم حقوق الإنسان وسيادة القانون.
تركز المعاهدة الجديدة على حماية حقوق الأفراد المتضررين من أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتختلف عن قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ الشهر الماضي، والذي يتضمن لوائح شاملة لتنظيم استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي داخل السوق الأوروبية.
وفيما تسعى المعاهدة إلى تعزيز حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، يشعر بعض المراقبين بالقلق من أن هذا الخليط من اللوائح الوطنية قد يعيق الابتكار. وتشير صحيفة "فاينانشيال تايمز" إلى أن صياغة المعاهدة استغرقت عامين وشارك فيها أكثر من 50 دولة، بما في ذلك كندا وإسرائيل (فلسطين المحتلة) واليابان وأستراليا. وتلتزم المعاهدة الموقعين عليها بتحمل المسؤولية عن أي نتائج ضارة قد تنجم عن أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتفرض احترام المساواة وحقوق الخصوصية، وتمنح ضحايا الانتهاكات الحق في اللجوء القانوني.
وفي تعليقه على المعاهدة، قال وزير العلوم والابتكار والتكنولوجيا البريطاني بيتر كايل إن الابتكار السريع في مجال الذكاء الاصطناعي يستدعي هذه الخطوة الهامة، مشيراً إلى أن الاتفاقية تعد الأولى من نوعها على مستوى العالم، وتجمع مجموعة متنوعة من الدول.
ورغم الترويج للمعاهدة كأداة قابلة للتنفيذ قانوناً، أشار بعض المنتقدين إلى أنها تفتقر إلى عقوبات مثل الغرامات، حيث يعتمد الامتثال أساساً على المراقبة، وهو ما يعتبرونه شكلاً ضعيفاً من أشكال التنفيذ.
من المتوقع أن يكون عشرة من المشاركين الأوائل من بين أول من يوافقون على المعاهدة عندما يفتح باب التوقيع عليها يوم الخميس، وفقاً للمديرة المسؤولة عن المفاوضات في المجلس الأوروبي، هان يونكر. وأضافت أن هذه الخطوة تؤكد أن الاتفاقية تتجاوز حدود أوروبا وأن المشاركين كانوا متحمسين خلال المفاوضات.
في السياق ذاته، قال مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إن الولايات المتحدة ملتزمة بضمان أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تدعم احترام حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، معتبرًا أن مجلس أوروبا يلعب دوراً مهماً في هذا المجال.
وتأتي هذه المعاهدة في وقت تشهد فيه الحكومات تطوير مجموعة من اللوائح والاتفاقيات الجديدة لمراقبة برامج الذكاء الاصطناعي المتطورة. وتُضاف إلى ذلك لائحة الذكاء الاصطناعي الأوروبية التي دخلت حيز التنفيذ الشهر الماضي، و"إعلان بلتشلي" الذي وقعت عليه 28 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة والصين.
وفي حين لم يقر الكونغرس الأميركي بعد أي إطار شامل لتنظيم الذكاء الاصطناعي، اتخذ مشرعون في ولاية كاليفورنيا خطوة مماثلة الأسبوع الماضي، حيث ينتظر مشروع القانون توقيع حاكم الولاية. وفي هذا الإطار، أعربت فيرا جوروفا، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون القيم والشفافية، عن سعادتها برؤية العديد من الشركاء الدوليين مستعدين للتوقيع على المعاهدة، معتبرة إياها نموذجاً للعمل العالمي في هذا المجال.
إرسال تعليق