في جلسة استماع مليئة بالتوتر أمام المحكمة الفيدرالية بواشنطن، دافعت جوجل بشراسة عن وحدة متصفح كروم مع أقسامها الأخرى، مؤكدة أن فصله سيشكل ضربة قاصمة للتجربة الرقمية للمستخدمين. جاء ذلك خلال القضية التاريخية التي رفعتها وزارة العدل الأمريكية بتهمة الاحتكار غير القانوني لسوق البحث.
باريسا تبريز، المديرة العامة لمتصفح كروم، ألقت شهادة مثيرة كشفت خلالها أن 17 عامًا من التكامل بين كروم وخدمات جوجل الأخرى أوجدت تشابكًا تقنيًا لا يمكن فكه. وأوضحت أن ميزات أساسية مثل التصفح الآمن وإنذارات اختراق كلمات المرور تعتمد على بنية جوجل التحتية المشتركة، وليس على كروم بمفرده.
من جهة أخرى، حاولت وزارة العدل إثبات إمكانية فصل كروم عبر شهادة خبير علوم الحاسوب جيمس ميكينز من جامعة هارفارد، الذي أكد أن العملية ممكنة تقنيًا دون تأثير كبير على أداء المتصفح. لكن تبريز ردت بإحصائية صادمة مفادها أن جوجل قدمت 90% من الشيفرة المصدرية لمشروع كروميوم المفتوح المصدر منذ 2015، باستثمار يقدر بمئات الملايين من الدولارات ومساهمة ألف مهندس.
المعركة القضائية تتجاوز متصفح كروم لتمس صميم استراتيجية جوجل المستقبلية. وثائق داخلية كشفت عن خطة طموحة لتحويل كروم إلى "متصفح وكيل" يتكامل مع جيميني كمساعد ذكاء اصطناعي رئيسي، بينما يسمح بالتفاعل مع وكلاء خارجيين. هذا التوجه يفسر إصرار جوجل على الحفاظ على وحدة خدماتها في مواجهة طلبات الحكومة الأمريكية.
القضية تضع تحت المجهر نموذج عمل جوجل بالكامل، حيث تطالب وزارة العدل بوقف مدفوعات الإعدادات الافتراضية لمحركات البحث، وهو ما قد يؤثر حتى على منتجات الذكاء الاصطناعي الناشئة مثل جيميني. بينما تؤكد جوجل أن تفوق كروم، الذي يحتل 66% من سوق المتصفحات عالميًا، جاء نتيجة ابتكار حقيقي وليس ممارسات احتكارية.
المحكمة تواجه الآن معضلة تقنية وقانونية معقدة: كيف توازن بين منع الاحتكار والحفاظ على الابتكار التكنولوجي المتكامل؟ القرار النهائي قد يعيد تشكيل المشهد الرقمي لسنوات قادمة، ليس فقط لمتصفح كروم ولكن لكل خدمات جوجل المترابطة التي يعتمد عليها مليارات المستخدمين يوميًا.
إرسال تعليق