شهدت الساحة الأميركية تطورًا جديدًا في ملف تنظيم الذكاء الاصطناعي، مع تجاوز مشروع قانون جمهوري عقبة مهمة في مجلس الشيوخ يهدف لمنع الولايات من إصدار قوانين مستقلة لتنظيم تقنيات الذكاء الاصطناعي لمدة عشر سنوات. القانون الجديد، الذي أعاد صياغته السيناتور الجمهوري تيد كروز، يلزم الولايات بعدم تبني تشريعات تتعلق بالذكاء الاصطناعي وإلا ستفقد التمويل الفيدرالي لمشروعات البنية التحتية للإنترنت واسع النطاق، مما يفرض حظرًا عمليًا على التشريعات المحلية في هذا المجال.
هذه الصيغة جاءت بعد تعديلات لضمان توافقها مع قواعد الموازنة في المجلس، مما أتاح تمريرها بأغلبية بسيطة دون الحاجة لدعم الديمقراطيين أو الخوف من تعطيل الجلسات. إلا أن المشروع يواجه انقسامًا داخل الحزب الجمهوري نفسه، حيث عبّرت بعض السيناتورات مثل مارشا بلاكبيرن عن رفضها حظر الولايات من حماية مواطنيها، فيما اعتبرت النائبة مارجوري تايلور غرين أن المشروع يهدد حقوق الولايات ويطالب بحذف المادة المثيرة للجدل.
في المقابل، يدافع رئيس مجلس النواب مايك جونسون عن المشروع ويشير إلى دعم الرئيس السابق دونالد ترامب له، مشددًا على أن التنظيم الفدرالي ضروري لمنع تعقيد الأوضاع الأمنية الناجم عن تنظيمات متفرقة بين الولايات.
هذا الجدل لم يغضِ النظر عن تحذيرات منظمات المجتمع المدني مثل “أميركيون من أجل ابتكار مسؤول”، التي تعبر عن خشيتها من أن يخلق هذا القانون فراغًا تنظيميًا واسعًا يضعف إمكانية ضبط تقنيات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات محليًا، خاصة مع غياب بدائل فيدرالية واضحة وشاملة.
رغم مشروع القانون، تستمر بعض الولايات في رسم سياساتها، ففي كاليفورنيا رفض الحاكم مشروع قانون السلامة للذكاء الاصطناعي لكنه دعم قوانين تتعلق بالخصوصية ومكافحة التزييف العميق، بينما أقرّت نيويورك قانون سلامة قيد التوقيع، ويوتا تواصل تعزيز الشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي.
الصراع بين المركز والولايات يظل قائمًا، وما سيقرره الكونغرس سيحدد بشكل كبير شكل بيئة تنظيم الذكاء الاصطناعي في أميركا، فهل سيكون التوحيد التنظيمي حلاً أم بداية لمزيد من التحديات في هذا المجال الحيوي؟
إرسال تعليق