كشفت دراسة حديثة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا النقاب عن تأثيرات صادمة لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي على القدرات العقلية للإنسان. بعد أربعة أشهر من البحث الدقيق، توصل العلماء إلى أن الاعتماد على ChatGPT في الكتابة يؤدي لتراجع خطير في النشاط المعرفي.
النتائج أظهرت مفارقة مثيرة للقلق. فرغم أن المستخدمين أنجزوا مهامهم الكتابية أسرع بنسبة 60% باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذا جاء على حساب فهمهم العميق للمعلومات. سجلت الفحوصات انخفاضاً بنسبة 32% في مؤشر "الحمل المعرفي الجوهري" الذي يقيس مدى استيعاب الدماغ للمعلومات وتخزينها في الذاكرة طويلة المدى.
الأكثر إثارة أن الدراسة رصدت تغيرات دائمة في طريقة عمل الدماغ مع الاستمرار في استخدام هذه الأدوات. فحتى بعد التوقف عن الاستعانة ب ChatGPT، استمرت التأثيرات السلبية تظهر على المستخدمين. الشباب تحديداً يبدون أكثر عرضة لهذه المخاطر، ما يثير تساؤلات حول جدوى استخدام هذه التقنيات في الفصول الدراسية.
فحوصات التخطيط الكهربائي للدماغ كشفت حقائق مقلقة. المشاركون الذين اعتمدوا على مهاراتهم الشخصية سجلوا 79 اتصالاً عصبياً في موجات ألفا المرتبطة بالتركيز والإبداع، بينما لم يتجاوز الرقم 42 اتصالاً لدى مستخدمي الذكاء الاصطناعي. الفجوة كانت واضحة أيضاً في موجات ثيتا المسؤولة عن الذاكرة والتحكم التنفيذي.
المفاجأة الأكبر جاءت عند اختبار الذاكرة. فبينما تذكر 11% فقط من غير المستخدمين اقتباسات مما كتبوه، عجز 83% من مستخدمي ChatGPT عن استرجاع أي محتوى. هذه النتائج تطرح أسئلة جوهرية عن مستقبل التعليم والإبداع في ظل انتشار أدوات الكتابة بالذكاء الاصطناعي.
الباحثة ناتاليا كوسمينا، قائدة الدراسة، حذرت من أن الاعتماد المفرط على هذه التقنيات قد يغير أنماط التفكير بشكل دائم. الدراسة تتفق مع أبحاث سابقة تشير لارتباط استخدام الذكاء الاصطناعي بتراجع الإبداع وزيادة الشعور بالوحدة، رغم ميزة تحسين الإنتاجية التي توفرها.
هذه النتائج تفتح الباب أمام نقاش جاد حول كيفية تحقيق التوازن بين الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والحفاظ على المهارات العقلية الأساسية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نحن مستعدون لدفع ثمن هذه الراحة التكنولوجية؟
إرسال تعليق