آخر الأخبار

تطور روبوت جراحي ذكي ينفذ استئصال المرارة بدقة وقريب من الاستقلالية


 في إنجاز طبي وتقني مدهش، نجح فريق بحثي من جامعة جونز هوبكنز في تطوير روبوت جراحي متقدم قادر على أداء مرحلة حساسة من عملية استئصال المرارة بشكل مستقل تقريبًا، مع قدرة فريدة على التكيف مع المواقف غير المتوقعة والاستجابة للأوامر الصوتية بشكل لحظي. هذا الروبوت الذي يحمل اسم SRT-H يعتمد على تقنيات تعلم آلي مشابهة لتلك التي تستخدم في ChatGPT، مما جعله يقترب من أداء جراحي الخبراء حتى في ظروف معقدة ومتغيرة.

يعتبر هذا التطور خطوة هامة في سبيل بناء أنظمة جراحية مستقلة وموثوقة تستطيع أن تساعد أو حتى تنفذ العمليات بالكامل بنفسها، وهو ما قد يحدث نقلة نوعية في مجال الرعاية الصحية. ونُشرت نتائج هذا البحث في مجلة Science Robotics في يوليو 2025، حيث أكد الباحثون على أن هذا الإنجاز يشكل بداية لعصر جديد من الجراحات الذكية.

المشرف على البحث، خبير الروبوتات الطبية أكسل كريغر، وصف هذا التقدم بأنه تحول كبير، ينتقل فيه الروبوت من كونه آلة تنفذ مهام جراحية محددة سلفًا إلى نظام قادر على فهم الإجراءات الجراحية بعمق والتعامل مع المواقف غير المتوقعة في بيئات طبية حقيقية.

وكان نفس الفريق قد حقق سابقًا إنجازًا مشابهًا حين طور روبوتًا آخر نفذ أول جراحة مستقلة على حيوان في بيئة مراقبة دقيقة، لكن الفارق مع SRT-H هو أن الأخير يمتلك قدرة التعلم والتكيف في مواقف متغيرة، كأنه يقود سيارة في طرق مختلفة وبظروف غير محددة سلفًا.

وقد تدرب الروبوت الجديد على مشاهدة آلاف دقائق من عمليات استئصال المرارة التي أجراها جراحون خبراء على جثث خنازير، مع توفير شروحات نصية تفسر كل خطوة جراحية. ما جعل الروبوت قادرًا على التكيف الفوري مع الفروقات التشريحية بين المرضى واتخاذ قرارات سريعة لتصحيح أخطائه لو ظهرت مفاجآت أثناء العملية، كما استجاب لأوامر صوتية دقيقة مثل طلب الإمساك برأس المرارة أو تحريك أحد أذرعه.

وصرح الباحث المشارك في الدراسة بريان كيم أن هذا العمل يشكل قفزة نوعية مقارنة بالمحاولات السابقة، حيث تمكنوا أخيرًا من تطوير نموذج ذكاء اصطناعي موثوق يمكنه القيام بالجراحة بشكل مستقل، ما يمهد الطريق لتطبيقات مستقبلية واسعة.

تجدر الإشارة إلى أن مهام الروبوت السابقة كانت تقتصر على أعمال بسيطة كالتعامل مع الإبر أو رفع الأنسجة، لكن استئصال المرارة مهمة أكثر تعقيدًا، تشمل عدة خطوات دقيقة مثل تثبيت مشابك وقطع أنسجة حساسة، وهو ما نفذه الروبوت بدقة عالية، رغم أنه استغرق وقتًا أطول من الجراح البشري. وأظهر الروبوت مهارات متميزة حتى في ظروف غير متوقعة كتحريك موقعه قبل العملية أو تغيير مظهر الأنسجة باستخدام أصباغ تحاكي الدم، دون أن يرتكب أي خطأ.

الجراح جيف جوبلينغ، أحد المشاركين في الدراسة، أكد أن الروبوت يظهر إمكانات واعدة تماثل تعلم الأطباء المقيمين التدريجي للعمليات الجراحية، مما يجعل من أنظمة الجراحة المستقلة أمرًا واقعًا قريبًا.

الفريق البحثي يخطط الآن لتوسيع استخدام هذا النظام ليشمل أنواعًا أخرى من العمليات الجراحية المعقدة، مع العمل على تحسين قدراته حتى يتمكن في المستقبل من إجراء عمليات جراحية كاملة ومستقلة في بيئات سريرية حقيقية، مما يفتح آفاقًا جديدة للطب الحديث.

التعليقات

أحدث أقدم

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة.