كشف استطلاع حديث أجرته شركة كاسبرسكي عن تحول ملحوظ في اهتمامات الأطفال وتطلعاتهم المهنية في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، حيث لم تعد الوظائف التقليدية هي الخيار الأول للجيل الجديد، بل باتت صناعة المحتوى الرقمي هدفًا يتوق إليه الكثير منهم.
أظهرت النتائج أن نسبة كبيرة من الأطفال يرغبون في أن يصبحوا صناع محتوى في المستقبل، ما يعكس تأثير العصر الرقمي الذي غيّر نظرتهم إلى الأجهزة الذكية من أدوات ترفيه إلى نوافذ تفتح أمامهم فرصًا مهنية جديدة. ولا تقتصر هذه الرغبة على أحلام فقط، بل يؤكد عدد منهم أنهم يعملون بالفعل على تطوير مدوناتهم أو إنتاج محتوى يخططون له لمستقبلهم، مما يعكس جدية التزامهم بهذا المجال.
تسلط هذه النتائج الضوء على أهمية فهم كيفية تعامل الأطفال مع العالم الرقمي، وضرورة توجيههم لاستخدام هذه الأدوات بشكل إيجابي ومنتج بدلاً من الوقوع في فخ الاستهلاك السلبي للمحتوى.
شارك في هذا الاستطلاع الذي أجرته كاسبرسكي بالتعاون مع وكالة تولونا للأبحاث آلاف الأطفال والأهالي من عدة دول بينها السعودية والإمارات ومصر وتركيا وجنوب أفريقيا، وكانت الفئات العمرية من الصغار وحتى المراهقين.
يرى الأطفال أسبابًا مختلفة تدفعهم إلى الانخراط في صناعة المحتوى، فهناك من يسعى للشهرة، ويرى فيها فرصة للمتعة والاستمتاع، بينما ينظر آخرون إليها كطريقة سهلة لجني المال، ويختارها البعض لأنها عصرية ومواكبة للتطور.
لكنّ هذه الطموحات لا تلقى دائمًا قبولًا من الآباء، إذ تظهر الأرقام تباينًا واضحًا في مواقفهم، فبعضهم يرحب بهذا الخيار بينما يعارضه آخرون مؤقتًا أو حتى بشكل كامل. ويبدو أن مخاوف الأهالي ترتبط بعدم استقرار المهنة أو تأثيرها على دراسة الأطفال، أو حتى طبيعة المحتوى الذي قد يُنتج.
مع ذلك، يدعم الغالبية العظمى من الأهالي هذا التوجه أو لا يرفضونه بشكل قاطع، مما يفتح الباب أمام فرص أكبر للتفاهم وتقديم الدعم والتوجيه لأطفالهم بدلًا من منعهم من متابعة شغفهم.
يؤكد سيف الله جديدي، المسؤول الإقليمي في كاسبرسكي، أن صناعة المحتوى ليست مجرد هواية بل فرصة حقيقية لتنمية مهارات مهمة مثل الإبداع والتعبير والتواصل والتسويق، وهذه المهارات يمكن أن تكون قاعدة قوية لمستقبل مهني ناجح.
كما يشير جديدي إلى أن نشاط الأطفال في التدوين وصناعة المحتوى يعزز أيضًا الروابط الأسرية، لأن الأهل يصبحون أكثر فهمًا لعالم أطفالهم واهتماماتهم، ما يقوي العلاقة بينهم.
لكن مع كل هذه الفوائد، يلفت جديدي إلى أهمية الجانب الأمني، فدخول الأطفال إلى عالم الإنترنت يجب أن يصاحبه وعي بأمن البيانات وحماية الخصوصية، لضمان تجربة إيجابية وآمنة في رحلتهم كصناع محتوى.
قدم خبراء كاسبرسكي نصائح هامة لضمان أمان الأطفال عند ممارسة صناعة المحتوى، منها ضرورة تعزيز أمان الحسابات عبر تفعيل المصادقة الثنائية التي تضيف طبقة حماية قوية ضد الاختراق، واستخدام كلمات مرور قوية ومختلفة لكل حساب، وعدم إعادة استخدام نفس الكلمة في أكثر من مكان.
كما شددوا على أهمية وعي الأطفال بخصوصية المعلومات التي يشاركونها، والامتناع عن نشر بيانات حساسة أو معلومات شخصية مثل بطاقات الهوية أو المواقع الجغرافية أو الخطط المستقبلية، لتفادي أي مخاطر محتملة.
وفيما يتعلق بالتعامل مع الغرباء عبر الإنترنت، نُصح الأهل بمناقشة الحدود المقبولة للتواصل مع الأطفال، وتحذيرهم من مشاركة معلومات شخصية مع أشخاص غير موثوق بهم، مع ضرورة استعداد الأطفال لتجاهل أو حظر أي تواصل غير مرغوب فيه.
كما أشار الخبراء إلى أهمية استخدام أدوات حماية متخصصة توفرها شركات الأمن السيبراني مثل كاسبرسكي، التي تساعد في تأمين الأجهزة والبيانات، وتخلق بيئة آمنة لاستكشاف عالم الإنترنت بثقة وأمان.
تؤكد هذه النتائج أن صناعة المحتوى الرقمي لم تعد خيارًا ثانويًا، بل أصبحت توجهًا مهنيًا حقيقيًا ينمو بين الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، مما يستوجب تكاتف الأهل والمجتمع لتوجيه هذه الطاقات نحو مستقبل آمن ومثمر.
إرسال تعليق