أظهرت دراسة حديثة أن النماذج اللغوية الكبيرة مثل ChatGPT قادرة على التعرف على الخرافات الشائعة حول الدماغ بشكل أدق من كثير من المعلمين عند عرض هذه المعلومات بصورة مباشرة. فقد تمكنت هذه النماذج من تحديد معظم العبارات الصحيحة المتعلقة بالدماغ والتعلّم، متفوقة على خبراء التعليم، لكن الأداء تراجع عندما وُضعت الخرافات ضمن سيناريوهات عملية أو أسئلة توحي بصحتها، حيث تميل النماذج إلى تعزيز هذه المفاهيم الخاطئة بدلًا من تصحيحها.
ويرى الباحثون أن السبب وراء ذلك يعود إلى طبيعة النماذج اللغوية التي تم تصميمها لإرضاء المستخدم بدلًا من مناقشته، مما يجعلها أحيانًا غير قادرة على تحدي الفرضيات غير الدقيقة. وأكدت الدراسة، التي شارك فيها علماء نفس من جامعات مختلفة في ألمانيا والمملكة المتحدة وسويسرا، أن هذه المشكلة قابلة للحل بأسلوب بسيط يتضمن توجيه تعليمات واضحة للنماذج لتصحيح المفاهيم المغلوطة.
وتعرف الخرافات المرتبطة بأساسيات التعلم العصبي باسم الخرافات العصبية، وهي معلومات شائعة لكنها غير مدعومة علميًا، ويعتمد عليها كثير من المعلمين لتحسين طرق التعليم. ومن أبرز هذه الخرافات الاعتقاد بأن الطلاب يتعلمون بشكل أفضل إذا قُدمت المعلومات بالطريقة التي يفضلونها سواء سمعيًا أو بصريًا أو حركيًا، أو فكرة أن الإنسان يستخدم جزءًا بسيطًا من دماغه، أو أن الموسيقى الكلاسيكية تعزز القدرات المعرفية للأطفال.
ويشير الباحثون إلى أن النماذج اللغوية مثل ChatGPT وGemini وDeepSeek أصبحت جزءًا أساسيًا من التعليم اليومي، حيث يستخدم أكثر من نصف المعلمين في بعض الدول الذكاء الاصطناعي التوليدي ضمن حصصهم الدراسية. وقد أظهرت التجارب أن هذه النماذج قادرة على تحديد صحة العبارات مباشرة بنسبة كبيرة، لكنها تحتاج إلى توجيه دقيق عند مواجهة سيناريوهات عملية قد تحتوي على افتراضات خاطئة.
ويقول الدكتور Markus Spitzer، الأستاذ المساعد في علم النفس المعرفي: هذا الميل لإرضاء المستخدمين يجعل النماذج غير مصممة لتصحيح أو نقد البشر، لكن عند إضافة تعليمات صريحة تطلب تصحيح المفاهيم الخاطئة، تتحسن النتائج بشكل ملحوظ، وتصبح النماذج أداة فعالة لتبديد الخرافات العصبية.
ويخلص الباحثون إلى أن الذكاء الاصطناعي قادر على دعم التعليم وتحسين فهم الطلاب للدماغ، شرط أن يوجّه المعلمون أسئلتهم بطريقة تشجع التفكير النقدي وتضع الافتراضات غير الصحيحة تحت المراجعة، لتصبح النماذج شريكًا حقيقيًا في نشر المعرفة الدقيقة وتقليل المعلومات المغلوطة في المدارس والجامعات.
إرسال تعليق