آخر الأخبار

ألعاب الفيديو تنمي مهارات المراهقين وتعزز التركيز


 كشفت دراسة حديثة أجراها معهد علوم الأعصاب في جامعة جورجيا بالولايات المتحدة عن تأثيرات إيجابية لألعاب الفيديو على المراهقين الذين يمارسونها بشكل مكثف، حيث أظهرت التغيرات في بنية خلايا المخ تحسناً في الانتباه وتنمية المهارات البصرية والإدراكية.

تثير ممارسة ألعاب الفيديو جدلاً واسعاً بين علماء الأعصاب وعلماء النفس، بين من يرى فيها أضراراً مثل الإدمان وزيادة السمنة أو الميل للعنف، ومن يرى فيها فوائد تنموية مثل تحسين الانتباه والمهارات الإدراكية كما تؤكد الدراسة الحالية.

وشملت الدراسة 46 طالباً من الجامعات في ولاية جورجيا، تراوحت أعمارهم بين 18 و22 عاماً، وتم تصنيفهم حسب وقت ممارستهم لألعاب الحركة. قُسم المشاركون إلى مجموعتين، الأولى من يمارسون ألعاب الحركة خمس ساعات أو أكثر أسبوعياً، والثانية من لا تتجاوز ساعات لعبهم نصف ساعة في الأسبوع خلال العامين الماضيين، وكانت الألعاب الأساسية تتضمن ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول والمعارك متعددة اللاعبين عبر الإنترنت.

استخدم الباحثون تقنيات تصوير متقدمة لدراسة التركيب المجهري لخلايا المخ وسُمك القشرة المخية، والتي ترتبط بتحسن القدرات الإدراكية والتحكم في العواطف وسرعة اتخاذ القرارات والتوافق بين الأداء والحركة والحواس. وأظهرت النتائج اختلافات هيكلية كبيرة بين المجموعتين، حيث تمتع اللاعبون بسُمك أكبر في القشرة المخية وتغيرات في المناطق المسؤولة عن الانتباه والرؤية واتخاذ القرار والتكامل الحسي الحركي.

أشارت الدراسة إلى أن ألعاب الفيديو الحركية تتطلب تنسيقاً سريعاً ودقيقاً للتصرف في مواقف مختلفة، ما يعزز نشاط الخلايا العصبية المسؤولة عن التوصيلات العصبية والتحكم الحركي. وأوضح الباحثون أن هذا يؤدي إلى اتخاذ قرارات أسرع وتحسين التكامل البصري الحركي واكتساب مهارات سلوكية مهمة مثل التفكير تحت الضغط والتعلم من الأخطاء دون إحباط.

كما أظهرت الدراسة أن هذه الألعاب تساعد في زيادة التركيز والانتباه المستمر، ما ينعكس إيجاباً على الأداء الدراسي والعملي. وأكدت تقنيات تصوير المخ على تطور مناطق الوعي المكاني لدى اللاعبين، ما يحسن قدرتهم على تصور وفهم المساحات الثلاثية الأبعاد وتطبيقها في الحياة اليومية مثل قراءة الخرائط وتذكر الأماكن.

وأضاف الباحثون أن الألعاب تساهم في تطوير مهارات إدارة مهام متعددة في الوقت نفسه، حيث تتطلب متابعة أهداف اللعبة والتكيف مع مواقف متغيرة والتواصل مع لاعبين آخرين، ما يعزز قدرة المراهقين على تنظيم أعمالهم في العالم الواقعي.

كما تساعد الألعاب على تخفيف التوتر العصبي بطريقة طبيعية، إذ تمنح فرصة للاسترخاء والتخلص من ضغوط الحياة الدراسية، كما تعزز الذكاء العاطفي والتعاطف مع الآخرين من خلال التعامل مع قصص وشخصيات ومواقف عاطفية معقدة داخل اللعبة.

وتشجع الألعاب التعليمية على التفكير النقدي وتحليل المعلومات واتخاذ القرارات وتحمل مسؤوليتها، بينما تواجه الألعاب الصعبة اللاعبين بإخفاقات متكررة تساعدهم على اكتساب المرونة والمثابرة والعمل الدؤوب، وهي مهارات أساسية في الدراسة والحياة اليومية.

في الختام، أكد الباحثون أن ممارسة ألعاب الفيديو بشكل معتدل تحسن المهارات الإدراكية والعاطفية للمراهق، ونصحوا الآباء بمتابعة الوقت الذي يقضيه أبناؤهم في اللعب لضمان الاستفادة دون أن يتحول الأمر إلى إدمان يضر بصحتهم وسلوكهم.

التعليقات

أحدث أقدم

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة.