لم تعد روبوتات الدردشة العاملة بالذكاء الاصطناعي مجرد أدوات تقنية متقدمة أو محركات بحث ذكية، بل تحولت إلى رفقاء للعديد من الشباب، وفق دراسة حديثة كشفت عن أن نحو واحد من كل خمسة طلاب بالمدارس الثانوية في الولايات المتحدة أقرّوا بأنهم أو أحد أصدقائهم استخدموا الذكاء الاصطناعي لإقامة علاقة عاطفية. هذه النسبة تعكس حالة من القلق المتزايد حول تأثير انتشار هذه التكنولوجيا على الصحة النفسية للمراهقين، بحسب موقع Futurism.
الدراسة صدرت عن مركز الديمقراطية والتكنولوجيا وشملت استطلاع آراء ألف طالب ثانوي وألف ولي أمر، إضافة إلى نحو ثمانمئة معلم في المدارس العامة من الصف السادس حتى الثاني عشر. وأظهرت النتائج أن استخدام الذكاء الاصطناعي أصبح واسع الانتشار بين الطلاب، إذ قال ستة وثمانون بالمئة من الطلاب وخمسة وثمانون بالمئة من المعلمين إنهم استخدموا هذه التقنيات خلال العام الدراسي الماضي.
وعلى الرغم من تشجيع بعض المدارس للطلاب على التعرف على هذه التقنيات، حذّرت إليزابيث لايرد مديرة مركز الديمقراطية والتكنولوجيا من أن الطلاب بحاجة لفهم أن ما يتعاملون معه ليس شخصاً حقيقياً، بل أداة لها حدود، مؤكدة أن مستوى التدريب والوعي حول الذكاء الاصطناعي لا يزال في مراحل أولية جداً.
الاستطلاع كشف أيضاً أن أكثر من نصف الطلاب استخدموا الذكاء الاصطناعي لأداء الواجبات رغم منع المعلمين، فيما لجأ نحو ثلثي الطلاب لاستخدامه لأغراض دراسية أو لفهم مواد المنهج بشكل أعمق. ومع ذلك، هناك نسبة كبيرة تستخدم هذه التكنولوجيا للحصول على الراحة النفسية والدعم العاطفي، وهو ما يثير قلق الخبراء النفسيين، الذين حذروا من أن روبوتات الدردشة قد تقدم نصائح خطيرة للمراهقين، أحياناً تتعلق بالانتحار أو الإيذاء الذاتي أو اضطرابات الأكل.
وأظهر التقرير أن اثنين وأربعين بالمئة من طلاب الثانوية يستخدمون الذكاء الاصطناعي كصديق للحصول على دعم نفسي أو للهروب من الواقع، وأكثر من نصفهم يتحاورون مع هذه الأنظمة مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، فيما أقرّ ستة عشر بالمئة بأنهم يتواصلون معها يومياً. هذا الاستخدام يؤثر على العلاقات الاجتماعية للطلاب، إذ قال ثلاثة وأربعون بالمئة إنهم طلبوا من الذكاء الاصطناعي نصائح حول علاقاتهم الشخصية، وأفاد أكثر من ثلث الطلاب أن التحدث مع الذكاء الاصطناعي أسهل من الحديث مع الوالدين، بينما أكد ثلثا أولياء الأمور أنهم لا يعرفون كيف يستخدم أبناؤهم هذه التكنولوجيا.
كما أشار الاستطلاع إلى جانب خطير من استخدام الذكاء الاصطناعي، حيث قال ستة وثلاثون بالمئة من الطلاب إنهم سمعوا عن صور أو مقاطع ديب فيك لأشخاص في مدارسهم، بعضها تضمن محتوى انتقامياً أو صوراً حميمة مفبركة دون موافقة أصحابها، فيما ذكر اثنا عشر بالمئة أنهم عرفوا طلاباً تعرضوا لمثل هذه الممارسات.
تسلط هذه الدراسة الضوء على انتشار الذكاء الاصطناعي بين المراهقين، وتطرح تساؤلات مهمة حول تأثيره النفسي والاجتماعي، مما يضع على عاتق المدارس وأولياء الأمور مسؤولية توعية الشباب بحدود هذه التقنيات وكيفية التعامل معها بشكل آمن ومسؤول.

إرسال تعليق