الذكاء الاصطناعي الوكيل أو ما يعرف بـ Agentic AI يمثل نقلة كبيرة في عالم التكنولوجيا، فهو جيل جديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي قادر على التفكير والتخطيط واتخاذ القرارات باستقلالية شبه كاملة. بدأنا نرى ملامحه تنتشر تدريجيًا في الأعمال والمهام اليومية، من أنظمة تكنولوجيا المعلومات الذاتية إلى المساعدين الرقميين والأنظمة الأمنية الذكية.
تخيل مستقبلًا قريبًا تظهر فيه روبوتات شبيهة بالبشر داخل المنازل، تؤدي دور المساعد أو حتى الرفيق في الحياة اليومية. العائق الأساسي ليس في التقنية بل في البيانات، فهذه الروبوتات تحتاج إلى كم هائل من المعلومات كي تتعلم وتعمل بكفاءة. عندما تُحل هذه العقبة ستتحول الفكرة من مجرد خيال علمي إلى مشهد طبيعي في البيوت.
قطاع الأمن السيبراني من أكثر المجالات التي تتأثر سريعًا، إذ ظهرت هجمات إلكترونية متكاملة تدار عبر الذكاء الاصطناعي، لكن في المقابل يجري تطوير أنظمة دفاعية تعمل بالذكاء الاصطناعي الوكيل وتتصدى لهذه المخاطر، بينما يقتصر دور الإنسان على المتابعة والإشراف.
المؤسسات كذلك ستستفيد من هذا التحول، حيث سيكون بوسعها بناء أنظمة رقمية تدير نفسها بنفسها، تراقب الأعطال وتصلحها وتطور الأداء دون تدخل مباشر. ومع ذلك يبقى التعاون بين البشر وهذه الأنظمة الذكية شرطًا أساسيًا للوصول إلى أقصى كفاءة.
الأمر لا يتوقف هنا، بل من المتوقع أن نرى شبكات مترابطة من وكلاء الذكاء الاصطناعي يعمل كل منهم بتخصص محدد، وعند تفاعلهم معًا يقدمون حلولًا لحظية لمشكلات معقدة. مثلًا يمكن لوكيل أن يعرف موقعك، وآخر يتابع جدولك، وثالث يتوقع احتياجاتك، وحين يجتمعون يتخذون قرارات جماعية نيابة عنك.
قد يتغير جدول رحلتك الجوية تلقائيًا عند تأخرها، يحجز وكيل آخر وسيلة نقل بديلة، بينما يخبرك وكيل ثالث بالوقت المثالي للمغادرة. هذه المنظومات تمنح المستخدم تجربة رقمية أكثر ذكاءً ودقة، وكأنك محاط بفريق من الخبراء الرقميين.
حتى خدمة العملاء ستشهد تحولًا ضخمًا، إذ ستتمكن الأنظمة المبنية على الذكاء الاصطناعي الوكيل من توقع الطلب على المنتجات والرد على الاستفسارات وحل المشكلات المعقدة بشكل لحظي دون الحاجة لموظفين بشريين.
وفي البنوك، حيث تزداد الجرائم الإلكترونية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لتزوير الهويات، سيصبح الذكاء الاصطناعي الوكيل أداة أساسية لاكتشاف الاحتيال، عبر تحليل الشبكات وتعقب المعاملات والتعاون بين المؤسسات المالية حول العالم بشكل فوري.
إرسال تعليق