آخر الأخبار

سباق متصفحات الذكاء الاصطناعي يشتعل وسط تحذيرات أمنية خطيرة


 يشهد عالم المتصفحات تحولاً جذرياً مع دخول الذكاء الاصطناعي بقوة إلى قلب التجربة، فبعد أن كانت المتصفحات مجرد أدوات للوصول إلى الإنترنت، أصبحت اليوم منصات ذكية تتفاعل مع المستخدم وتتعلم منه. ومع هذا التطور السريع، بدأت كبرى الشركات التقنية مثل مايكروسوفت وOpenAI وجوجل تتنافس بشراسة لفرض سيطرتها على ما يُعرف الآن بـ “متصفحات الذكاء الاصطناعي”.

في الفترة الأخيرة، أطلقت OpenAI متصفح ChatGPT Atlas بينما قدمت مايكروسوفت ميزة “وضع المساعد الذكي” في متصفح إيدج، في محاولة لإعادة تعريف مفهوم التصفح التقليدي. كما دخلت جوجل السباق عبر دمج نموذجها الذكي Gemini في متصفح كروم، وانضمت أوبرا بإطلاق متصفحها الجديد Neon، إلى جانب ظهور متصفحات حديثة مثل Dia من The Browser Company ومتصفح Comet من شركة Perplexity الناشئة.

لكن في خضم هذا التنافس المحموم، ظهرت مشكلات أمنية أثارت القلق. فقد اكتشف باحثون ثغرات خطيرة في متصفح ChatGPT Atlas تمكّن المهاجمين من استغلال ذاكرة النظام الداخلية لحقن أكواد خبيثة والحصول على صلاحيات عالية أو نشر برمجيات ضارة، كما وُجدت ثغرات مشابهة في متصفح Comet تتيح تنفيذ تعليمات مخفية تخرق حماية أنظمة الذكاء الاصطناعي.

واعترفت شركة Perplexity ومعها مسؤول الأمن السيبراني في OpenAI دان ستوكي بأن ما يُعرف بهجمات “حقن الأوامر” ما يزال يمثل تحدياً كبيراً لم يتم إيجاد حل واضح له بعد. وتقوم هذه الهجمات على تمرير أوامر خبيثة إلى النظام الذكي عبر محتوى يبدو عادياً مثل صفحات ويب أو صور أو ملفات PDF، مما يدفع النظام لتنفيذ أفعال غير مقصودة أو كشف معلومات حساسة.

ويحذر خبراء الأمن من أن متصفحات الذكاء الاصطناعي أصبحت تجمع بيانات واسعة عن المستخدمين، فهي تتتبع عمليات البحث والمحادثات والبريد الإلكتروني لتكوين ملفات تعريف دقيقة، ما يزيد من مخاطر اختراق الخصوصية. كما يشير المختصون إلى أن اندفاع الشركات في طرح مزايا جديدة دون مراجعات أمنية كافية قد يؤدي إلى كوارث رقمية، خاصة أن هذه الأنظمة تتفاعل تلقائياً مع المحتوى من دون وعي بشري بالتهديدات المحتملة.

ويرى الخبراء أن أخطر ما في الأمر هو “الوكلاء الذكيون” الذين يتصرفون نيابة عن المستخدم، إذ يمكن تضليلهم بسهولة عبر تعليمات خفية داخل النصوص أو الصور. لذلك ينصحون بعدم الاعتماد الكامل على هذه التقنيات حالياً، وبتفعيل وضع التصفح دون ذكاء اصطناعي بشكل افتراضي، مع استخدام الأدوات الذكية فقط عند الحاجة وفي المواقع الموثوقة لتفادي عمليات الاحتيال أو تسريب البيانات.

لكن المفارقة الكبرى تكمن في أن تعطيل ميزات الذكاء الاصطناعي داخل هذه المتصفحات الجديدة يجعلها تفقد كل ما يميزها، لتعود عملياً مثل المتصفحات التقليدية التي كانت تحاول تجاوزها في الأساس.

التعليقات

أحدث أقدم

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة.