تستعد شركة جوجل لتقديم خطتها إلى المفوضية الأوروبية في مطلع نوفمبر، بعد قرار صادر في سبتمبر يتهم الشركة بالهيمنة بشكل غير قانوني على البنية التحتية للإعلانات الرقمية. القرار جاء مع غرامة ضخمة تصل إلى مليار يورو، ويضع الشركة الأميركية أمام احتمال نادر للغاية قد يشمل تفكيك جزء من أعمالها، وهو إجراء يُفضل أن يتم طوعاً لكنه قد يُفرض قسراً إذا اقتضت الضرورة.
الوضع وصفته أستاذة قانون المنافسة في كلية إدارة الأعمال في ليل الفرنسية بأنه استثنائي للغاية، معتبرة أن مثل هذه العلاجات الهيكلية نادرة جداً في الاتحاد الأوروبي وتشكل "المطرقة الثقيلة" لمواجهة الاحتكار. وطلبت المفوضية من جوجل أن تقدم مقترحاً لمعالجة المخالفة، مشيرة إلى أن أي حل دون بيع جزء من وحدة أعمالها في تكنولوجيا الإعلانات لن يكون كافياً لإنهاء الانتهاكات.
تأتي هذه التطورات في وقت تتصاعد فيه المخاوف من سيطرة جوجل على سوق الإعلانات الرقمية، وهو ما يهدد مستقبل الصحافة وقطاع الإعلام، حيث يرى الناشرون الأوروبيون أن عائداتهم تتضاءل بسبب سياسات الشركة وخوارزمياتها التي تحدد المحتوى الذي يصل للمستخدمين. وتصف النائبة الأوروبية ألكسندرا جيزي الأمر بأنه قضية تتعلق بمستقبل الصحافة أكثر من كونها مجرد منافسة، مؤكدة أن جوجل تتحكم في حركة الزوار وتفرض قيوداً تؤثر على الإيرادات.
وفي الولايات المتحدة، تواجه جوجل مصيراً مشابهاً، إذ قضت محكمة اتحادية بأن الشركة احتفظت بشكل غير قانوني باحتكارها في أجزاء من سوق الإعلانات التقنية. وتشمل الإجراءات المطروحة بيع أسواق المزادات الرقمية وفصل وحدة الأعمال التي استحوذت عليها في 2008، وهي خطوة من شأنها كسر السيطرة الاحتكارية للشركة.
جوجل أعلنت أنها ستستأنف قرار المفوضية، معتبرة أن المطالب تفرض تغييرات من شأنها الإضرار بآلاف الشركات الأوروبية، مؤكدة أن البدائل لخدماتها أكثر من أي وقت مضى. ومع اقتراب الموعد النهائي لتقديم مقترحاتها، يظل الطريق نحو أي تفكيك محتمل محفوفاً بالتعقيدات القانونية والسياسية، وسط تنسيق غير مسبوق بين تحقيقات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ويرى خبراء القانون أن احتمال التفكيك القضائي قائم لكنه ليس حتمياً، مع بقاء البدائل السلوكية مطروحة. في المقابل، يشدد مجلس الناشرين الأوروبي على ضرورة حلول هيكلية فعلية لضمان المنافسة العادلة وحماية قطاع الإعلام من هيمنة الشركات الكبرى مثل جوجل، مؤكدين أن أقل من ذلك لن يكون كافياً لضمان التوازن في سوق الإعلانات الرقمية.

إرسال تعليق