في حين أن جهاز البيجر كان في يوم من الأيام أحد أهم أدوات التواصل، فقد تراجع دوره بشكل كبير مع تطور الهواتف المحمولة والذكية. ورغم هذا، يبقى البيجر رمزًا للتواصل السريع والفعّال في العقود السابقة.
تم تطوير جهاز البيجر لأول مرة في عام 1921، حيث استخدمته الشرطة في ديترويت بالولايات المتحدة لاستدعاء رجال الشرطة عند الحاجة. لم يبدأ استخدامه التجاري وانتشاره الواسع إلا في الخمسينيات، حيث بدأ البيجر يكتسب شعبية كبيرة بين المؤسسات الصحية والشركات في الستينيات والسبعينيات.
في الثمانينيات والتسعينيات، شهد البيجر ذروته، حيث أصبح أحد أهم وسائل التواصل بين الأفراد في مختلف المجالات. في عام 1994، بلغ عدد مستخدمي البيجر ذروته بتجاوز 61 مليون مستخدم حول العالم.
يعمل جهاز البيجر عبر موجات الراديو، حيث يقوم جهاز الإرسال المركزي بإرسال إشارات راديوية تحتوي على الرسائل إلى أجهزة البيجر عبر ترددات محددة. تتنقل هذه الإشارات عبر شبكة اتصالات لاسلكية تعتمد على أبراج بث أو محطات إرسال مخصصة، مشابهة لتلك المستخدمة في أنظمة الاتصالات الخلوية.
عند تلقي جهاز البيجر للإشارة، يقوم بفك تشفير الرسالة أو الرقم وعرضها على الشاشة. بفضل اعتماده على موجات الراديو، كان البيجر قادرًا على تغطية مناطق جغرافية واسعة، مما جعله مناسبًا للاستخدام في حالات الطوارئ والتواصل السريع.
تتصل أجهزة البيجر بشبكة لاسلكية مخصصة تتكون من أبراج إرسال تستقبل الإشارات وتوزعها على الأجهزة المتصلة. عندما يُرسل شخص رسالة إلى جهاز بيجر، يُدخل رقم البيجر والرسالة النصية في جهاز متصل بالشبكة، حيث تتحول الرسالة إلى إشارة رقمية ثم إلى إشارة راديوية تُبث عبر الشبكة حتى تصل إلى البرج القريب من جهاز البيجر المستهدف. بعدها، يستقبل جهاز البيجر الإشارة ويفك تشفيرها، ثم يعرض الرسالة على شاشته ويصدر صوتًا أو يهتز لإبلاغ المستخدم بوجود رسالة جديدة.
خلال عصره الذهبي، كان البيجر يستخدم بشكل رئيسي لاستقبال الرسائل النصية القصيرة أو الإشعارات التي تحتوي على أرقام هواتف للاتصال بها لاحقًا. تميز البيجر بتصميمه البسيط وسهولة حمله. من بين أبرز استخداماته:
- في القطاع الصحي: كان الأطباء والممرضات يعتمدون على البيجر لتلقي التنبيهات الفورية حول حالة المرضى أو استدعائهم عند حالات الطوارئ.
- في القطاع التجاري: استخدمت الشركات البيجر للتواصل مع الموظفين، خاصة أولئك العاملين في المواقع الميدانية.
- في القطاع الأمني: استفادت الأجهزة الأمنية من البيجر لتنبيه الضباط والعاملين في الميدان بسرعة وفعالية.
- على الصعيد الشخصي: أصبح البيجر جزءًا من حياة الأفراد اليومية في الثمانينيات والتسعينيات، حيث استخدمه الناس لتبادل الرسائل والتنبيهات الشخصية.
مع ظهور الهواتف المحمولة في التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، بدأ استخدام البيجر يتراجع تدريجيًا. ومع قدرة الهواتف على إجراء المكالمات وإرسال الرسائل النصية مباشرة، قلّت الحاجة إلى البيجر، حتى أصبح الآن جزءًا من تاريخ التكنولوجيا.
على الرغم من تراجع استخدام البيجر، إلا أن دوره كان حاسمًا في تطوير تقنيات الاتصال السريع. وقد عاد الحديث مجددًا عن هذه الأجهزة بعد حادثة انفجار أجهزة البيجر التي يستخدمها عناصر حزب الله، والتي أسفرت عن وقوع ضحايا وإصابات، مما يذكّرنا بأهمية البيجر في تاريخ التواصل السريع والفعال.
إرسال تعليق