في تحول استراتيجي واضح، تعمل شركة آبل بجدية على إصلاح مسيرتها المتعثرة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تكثف جهودها لإعادة هيكلة مساعدها الرقمي سيري من الأساس. تقارير بلومبرغ تكشف أن العمل جار على تطوير نسخة متقدمة تعتمد على نماذج اللغة الكبيرة، تحمل الاسم الرمزي سيري LLM، في محاولة لتعويض التأخر الكبير عن المنافسين.
تواجه آبل تحديات جسيمة في مشروعها الطموح Apple Intelligence، حيث يعود جزء كبير من المشاكل إلى تردد كريج فيدريجي رئيس قسم البرمجيات في الاستثمار الجاد بالذكاء الاصطناعي. المفارقة أن الشركة لم تبدأ التفكير بجدية في هذا المجال إلا بعد صدمة إطلاق ChatGPT نهاية 2022، ما وضعها في موقع المتأخر عن الركب.
المشاكل لم تقتصر على التوقيت السيء، فجون جياناندريا رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في آبل أظهر تشككًا واضحًا في جدوى المساعدات التوليدية، معتبرًا أنها لا تلبي احتياجات المستخدمين الحقيقية. محاولات دمج التقنيات الجديدة في سيري القديم باءت بالفشل، حيث أدت كل تعديل إلى ظهور أعطال جديدة، وفق شكاوى الموظفين.
يبدو أن نجم جياناندريا بدأ بالأفول داخل آبل، حيث تم إبعاده مؤخرًا عن مشاريع سيري والروبوتات، وسط توقعات بوضعه على مسار التقاعد. هذا التطور يثير مخاوف من هجرة الكفاءات التي جاءت معه من جوجل عام 2018.
مركز أبحاث آبل في زيورخ يشهد حاليًا عملية إعادة بناء كاملة لسيري، حيث يعمل الفريق على تطوير بنية جديدة تعتمد كليًا على نموذج لغوي ضخم. الهدف واضح: تحويل المساعد الرقمي من أداة بسيطة إلى نظام ذكي قادر على فهم السياق وإجراء محادثات طبيعية.
تتمسك آبل بخصوصية المستخدمين كأولوية قصوى، حيث تعتمد تقنيات معالجة البيانات محليًا على أجهزة آيفون دون الحاجة إلى إرسال المعلومات إلى السحابة. الخطط المستقبلية تشمل تمكين سيري من تصفح الإنترنت وجمع المعلومات من مصادر متعددة، في خطوة تقربه من أدوات مثل Perplexity التي تدرس آبل التعاون معها.
الإحباط الكبير جاء عندما اضطرت آبل لتأجيل إطلاق مزايا الذكاء الاصطناعي التي بالغت في الترويج لها، خاصة تلك المتعلقة بتحسينات سيري. الآن تحاول الشركة تصحيح المسار، لكن السؤال يبقى: هل ستتمكن من اللحاق بالمنافسين بعد هذا التأخر الكبير؟
إرسال تعليق