تكشف التطورات الأخيرة عن موجة جديدة من المواجهة الإلكترونية بين إيران وإسرائيل، رغم توقف القتال الميداني بين الجانبين في يونيو الماضي بعد أيام من التصعيد العسكري، إذ يبدو أن الفضاء السيبراني تحول إلى ساحة صراع مفتوح لا تعرف الهدنة.
فبعد الهجوم الجوي المفاجئ الذي شنته إسرائيل على إيران، تلقى مسؤولون إسرائيليون رسائل نصية مشبوهة محمّلة بروابط خبيثة، ورجّحوا أن تكون إيران وراءها ضمن حرب رقمية طويلة الأمد اشتدت وتيرتها مع التصعيد الأخير.
تقارير شركات الأمن السيبراني مثل Check Point كشفت أن الهجمات الأخيرة شملت اختراق منصة إيرانية للعملات المشفرة وعمليات تصيد موجهة ضد شخصيات إسرائيلية بانتحال هوية دبلوماسيين، بينما أكد مسؤولون إسرائيليون أن هذه العمليات لم تتوقف رغم توقف المعارك على الأرض.
بواز دوليف، الرئيس التنفيذي لشركة ClearSky، أوضح أن مجموعات موالية لإيران حاولت استغلال ثغرة حديثة في برمجيات خوادم مايكروسوفت لمهاجمة شركات إسرائيلية، في امتداد لصراع تقني يعود تاريخه إلى هجوم Stuxnet عام 2010 الذي دمّر منشآت نووية إيرانية، مقابل هجمات إيرانية استهدفت بنية المياه في إسرائيل عام 2020.
خلال جولة القتال الأخيرة، أكد وزير الاتصالات الإيراني ستار هاشمي أن بلاده تعرضت لأكثر من عشرين ألف هجوم إلكتروني، واصفًا إياها بالأوسع في تاريخ إيران، مشيرًا إلى أن الضربات الإسرائيلية عطّلت أنظمة الدفاع الجوي ورافقتها حملة تجسس مكثفة أتاحت لإسرائيل بناء ملفات دقيقة عن علماء نوويين وقادة عسكريين، ما ساعد في استهداف عدد منهم في بداية العمليات.
كما نفذت مجموعة القرصنة غنجشكه درنده المرتبطة بإسرائيل هجومًا على منصة Nobitex للعملات المشفرة أدى إلى خسارة ملايين الدولارات، واتهمت المنصة بخدمة النظام الإيراني، بينما طالت الهجمات أيضًا بنوكًا إيرانية مثل بنك سبه وبنك باسارغاد مع تعطيل مراكز بياناتهما.
على الجانب الآخر، ردت مجموعات مرتبطة بإيران بسلسلة هجمات اختراق وتسريب استهدفت نحو خمسين شركة إسرائيلية، وزرعت برمجيات مدمرة لأنظمة شركات ضمن سلاسل التوريد مثل الشركات اللوجستية والطاقة والموارد البشرية، كما سربت آلاف السير الذاتية لأشخاص عملوا في مجالات الدفاع والأمن، وأرسلت رسائل مزيفة باسم القيادة الداخلية الإسرائيلية تحذر المواطنين من دخول الملاجئ، وحاولت اختراق كاميرات المراقبة لتحديد مواقع سقوط الصواريخ.
داخل إيران، أثارت هذه الاختراقات قلقًا كبيرًا، ودعا مسؤولون إلى خطة عاجلة لتعزيز القدرات الدفاعية الرقمية، فيما أقر آخرون بوجود ثغرات ناجمة عن مركزية تخزين البيانات التي سهّلت عمليات الاختراق.
إرسال تعليق