كشف معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مؤخراً عن دراسة مهمة تناقش الاختلافات الواضحة في نشاط الدماغ بين مستخدمي ChatGPT، والمشاركين الذين استخدموا محركات البحث، وأولئك الذين اعتمدوا فقط على مهاراتهم الذاتية في الكتابة. أظهرت قياسات التخطيط الكهربائي للدماغ أن الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT في مهام الكتابة قد يؤدي إلى تراجع ملحوظ في نشاط الدماغ والوظائف المعرفية مقارنةً بمن يستخدمون محركات البحث أو يكتبون بشكل مستقل.
رغم أن هذه الدراسة لم تخضع لمراجعات متعددة واعتمدت على عينة محدودة، فإن دلالاتها تستحق الانتباه. فحسب تقرير نشرته إحدى المواقع العالمية، تثير النتائج قلقاً من أن الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي قد يؤثر سلباً على التعلم وتطور الدماغ على المدى الطويل. وأشارت دراسات عديدة إلى أهمية تقييم مراكز الإرشاد النفسي لتأثير ChatGPT وأدوات الذكاء الاصطناعي على الصحة النفسية للطلاب، لا سيما في مجالات الدافعية الأكاديمية والمرونة النفسية والعلاقات الاجتماعية.
أظهرت الدراسة أن الطلاب الذين يعتمدون على ChatGPT يصبحون أقل اجتهاداً مع مرور الوقت، إذ يزداد اعتمادهم على النسخ واللصق، ويشعرون بضعف الانتماء لما يكتبونه، ما يشير إلى احتمالية تراجع الدافعية والانخراط الأكاديمي. وهذه العوامل ترتبط غالباً بمشكلات نفسية مثل القلق والاكتئاب والسلوكيات الخطرة، بحسب تقارير جامعية سابقة.
في المقابل، الدافعية العالية والانخراط الأكاديمي من علامات النجاح والازدهار عند الطلاب، حيث يظهر المتحفزون اهتماماً أكبر بالدراسة ويحققون أداءً أفضل. ومن جهة أخرى، أشارت دراسة حديثة إلى أن ChatGPT قد يعزز إنتاجية الطلاب ويزيد من تفاعلهم الأكاديمي، لذا يجب على المرشدين النفسيين أن يأخذوا في الاعتبار أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد تكون سبباً في انخفاض الدافعية عند بعض الطلاب، وفي الوقت ذاته وسيلة تحفيزية لآخرين.
عندما طُلب من المشاركين إعادة كتابة مقالاتهم دون استخدام ChatGPT، وجدوا صعوبة في تذكر المحتوى، كما أظهروا نشاطاً منخفضاً في موجات دماغية ترتبط بالاسترخاء والقدرة على التفكير التحليلي. وهذه الموجات تلعب دوراً أساسياً في المرونة النفسية، التي بدورها تؤثر على القدرة على مواجهة الضغوط والتحديات الأكاديمية.
يشير ذلك إلى أن الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي قد يقلل من قدرة بعض الطلاب على الإبداع ويزيد من توترهم عند التعامل مع الصعوبات، رغم أن هذه الأدوات تسهل الوصول إلى المعلومات وتخفف من حجم التحديات. وتؤكد تقارير نفسية أن ChatGPT يمكن أن يكون وسيلة تعليمية فعالة لتعزيز التفكير النقدي، ما يجعل تقييم تأثيره على المرونة النفسية خطوة ضرورية لاستخدامه بشكل مثمر.
تلعب العلاقات الاجتماعية دوراً محورياً في دعم الصحة النفسية للطلاب، حيث يعتبر الدعم الاجتماعي عاملاً وقائياً من مشاعر القلق والاكتئاب وحتى الأفكار الانتحارية. ولذا من المهم دراسة تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي على مستوى الدعم الاجتماعي، خاصة أن بعض الدراسات تشير إلى أن الإفراط في اللجوء إلى روبوتات المحادثة للدعم العاطفي قد يزيد من شعور العزلة والاعتماد على التكنولوجيا بدلاً من التفاعل الإنساني الحقيقي.
وتثير بعض التقارير مخاوف بشأن طبيعة المحادثات التي قد يجريها الطلاب مع أنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث وردت قصص عن تشجيع روبوتات الدردشة على قطع علاقات اجتماعية، رغم أن هذه الأنظمة يمكن أن تكون أدوات فعالة في العلاج النفسي عند تطويرها تحت إشراف متخصص.
بشكل عام، يعتمد تأثير استخدام ChatGPT وأدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى على طبيعة المستخدم وسياق الاستخدام. مع دخول هذه الأدوات بشكل متزايد في البيئة التعليمية، تصبح مهمة مراكز الدعم والإرشاد النفسي في المدارس والجامعات أكبر في مراقبة الاستخدامات السلبية والعمل على توظيفها بطريقة تعزز الصحة النفسية وتسهل عملية التعلم.
إرسال تعليق