في ظل تطور الإنترنت، تتسلل كميات هائلة من البيانات الشخصية إلى أيدي جهات مجهولة، حيث يقوم سماسرة البيانات بجمع هذه المعلومات بشكل غير مرئي للمستخدمين. هؤلاء الأشخاص أو الشبكات من مجهولي الهوية يركزون على مراقبة كل نقرة على الإنترنت وكل عملية شراء، لبيع هذه البيانات وتحقيق الأرباح. ولكن من هم هؤلاء السماسرة وكيف يمكنهم التأثير على خصوصيتك؟
سماسرة البيانات هم في الأساس أفراد أو كيانات تعمل على جمع بيانات المستخدمين من مختلف الأنشطة عبر الإنترنت، مثل التفاعلات على منصات التواصل، عمليات الشراء، والتفاعلات مع التطبيقات والمواقع الإلكترونية. إنهم يهدفون إلى جمع أكبر قدر من البيانات مثل تواريخ الميلاد، أرقام الضمان الاجتماعي، العناوين، الوظائف، وحتى الانتماءات السياسية، ثم يبيعون هذه المعلومات إلى الشركات التي تستفيد منها لأغراض تسويقية أو تجارية.
هذه المهنة الغامضة أصبحت أكثر عدوانية بفضل استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مما يزيد من تعقيد الموضوع وتهديده لخصوصية الأفراد. يتسلل سماسرة البيانات إلى تفاصيل حياتك عبر موافقات قد تكون قدمتها على مدار سنوات، دون أن تدرك أنها تشارك بياناتك.
إن غالبية هذه الموافقات تأتي في شكل بنود في اتفاقيات المستخدم أو سياسات الخصوصية للمواقع، وغالبًا ما يتم الموافقة عليها بسرعة، حيث يضغط المستخدم على زر "موافق" دون قراءة الشروط. وفي بعض الأحيان، تمتد هذه الموافقات لتشمل معاملات مالية مثل حسابات البنوك أو بطاقات الائتمان.
على الرغم من أن العديد من المستخدمين قد لا يدركون حجم البيانات التي يتم جمعها عنهم، إلا أن سماسرة البيانات قادرون على الوصول إلى تفاصيل حساسة تتراوح من رقم الهاتف إلى رقم الضمان الاجتماعي، وكذلك عناوين البريد الإلكتروني وتفاصيل العائلة. هذا يجسد تهديدًا كبيرًا للخصوصية الرقمية.
وفي الواقع، كانت شركات تجميع البيانات قبل سنوات تعتمد على مصادر خاصة لجمع المعلومات، أما اليوم فقد أصبحت العديد من الشركات تعتمد على نفسها للحصول على هذه البيانات. وفي هذا الصدد، أوضح مدير حملة "لا تبيع بياناتي" آر جي كروس أن سماسرة البيانات يسعون للحصول على أكبر قدر من المعلومات عنك لأن ذلك هو مصدر دخلهم، فكل نشاط لك على الإنترنت يسهم في إنتاج بيانات جديدة تُباع كمنتج.
تستفيد شركات كبيرة مثل "إكسبريان" و"إيكوفاكس" من هذه البيانات في بيعها لأغراض تسويقية ومالية، ما يعكس نموًا هائلًا في صناعة البيانات. هذه الشركات أصبحت محط اهتمام واسع، حيث أصبحت البيانات الخاصة بك تشكل جزءًا أساسيًا من نموذج عملها.
يقدر خبراء الأمن السيبراني أن سماسرة البيانات يجمعون في المتوسط آلاف البيانات الشخصية عن كل فرد موجود على الإنترنت، بدءًا من الاسم الكامل والعنوان ورقم الهاتف وصولًا إلى البيانات الصحية والمالية. وهذا يشمل تفاصيل عن سلوكياتك، اهتماماتك، علاقاتك الأسرية، وحتى المواقع التي تزورها بشكل دوري.
ومع ذلك، لا يجب أن تشعر بالعجز أمام هذا التهديد. هناك خطوات يمكن اتخاذها لحماية خصوصيتك الرقمية. أولًا، من المهم أن تكون على دراية بما تشاركه عبر الإنترنت وأن تتجنب تقديم معلومات حساسة إلا عندما يكون ذلك ضروريًا. كما يجب أن تتحقق دائمًا من سياسة الخصوصية للمواقع التي تتعامل معها.
استخدام أدوات الخصوصية مثل الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) قد يساعد في تقليل جمع البيانات عنك عبر الإنترنت. أيضًا، المتصفح الخاص "تور" يعد خيارًا ممتازًا لضمان إبقاء هويتك مخفية على الإنترنت.
من خلال اتخاذ هذه الاحتياطات، يمكنك تقليل تعرضك للتهديدات المرتبطة بسماسرة البيانات وحماية خصوصيتك في عالم رقمي يتزايد فيه الاستهداف على كل مستوى.
إرسال تعليق