شهدت السنوات الأخيرة تحولًا كبيرًا في طريقة تعامل شركات التكنولوجيا العملاقة مع مصادر الطاقة التقليدية، حيث تزايدت احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز البيانات الضخمة التي تدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي. هذا الأمر دفع شركات مثل جوجل وأمازون ومايكروسوفت إلى البحث عن بدائل مستدامة للطاقة، وبرزت الطاقة النووية كخيار واعد بعد سنوات من التراجع عنها بسبب مخاوف السلامة والتكاليف.
الشركات الكبرى توجهت نحو الاستثمار في المفاعلات النووية الصغيرة، التي تتميز بتقنيات أكثر أمانًا ومرونة مقارنة بالمفاعلات التقليدية. جوجل، على سبيل المثال، أبرمت اتفاقية مع شركة ناشئة لتطوير سبعة مفاعلات نووية صغيرة بهدف تشغيل مراكز بياناتها، مما سيوفر طاقة نظيفة بحلول عام 2035، وهو جزء من خطتها لتحقيق الحياد الكربوني. أما مايكروسوفت فتعمل على إعادة تشغيل محطة نووية مغلقة بالتعاون مع إحدى الشركات، كما تسعى لاستكشاف طاقة الاندماج النووي كمصدر مستقبلي للطاقة. أمازون أيضًا دخلت السباق بتوقيع اتفاقيات لتطوير مفاعلات نووية صغيرة في الولايات المتحدة، تلبية لاحتياجاتها المتزايدة للطاقة.
المفاعلات النووية الصغيرة تتميز بأنها متقدمة وصغيرة الحجم وقابلة للتصنيع والنقل، مما يجعلها بديلاً عمليًا عن المفاعلات التقليدية. تعتمد هذه المفاعلات على تقنيات تبريد متطورة وأنظمة أمان تقلل الحاجة إلى التدخل البشري، مما يجعلها خيارًا أكثر استدامة. ومع ذلك، تواجه هذه الصناعة تحديات كبيرة في الولايات المتحدة، حيث لم يتم تشغيل أي مفاعل صغير بعد، بسبب تعقيدات الموافقات التنظيمية ونقص الوقود النووي المتقدم اللازم لتشغيلها.
الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي زاد من الطلب على الطاقة الكهربائية بشكل غير مسبوق، حيث تستهلك مراكز البيانات كميات هائلة من الطاقة، مما يجعل الحاجة إلى مصادر طاقة موثوقة وفعالة أمرًا حتميًا. الطاقة النووية تقدم حلولًا لتلبية هذه الاحتياجات، فهي توفر طاقة عالية الكثافة مع انبعاثات كربونية منخفضة. ومع ذلك، يظل بناء المفاعلات النووية الصغيرة في الولايات المتحدة بطيئًا بسبب التحديات التقنية والتنظيمية، بالإضافة إلى القيود المفروضة على استيراد الوقود النووي من روسيا، التي تُعد المصدر الرئيسي عالميًا.
في الوقت الذي تستكشف فيه شركات التكنولوجيا حلول الطاقة النووية لمواكبة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة هذه التقنية على تحقيق أهداف الاستدامة دون الوقوع في مخاطر تتعلق بالسلامة أو البيئة. ومع استمرار الجهود لتطوير المفاعلات الصغيرة وإيجاد بدائل لتوريد الوقود النووي، يبدو أن هذه الشركات تسير نحو مرحلة جديدة من الابتكار في مجال الطاقة.
إرسال تعليق