انتشر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي بين الطلاب من مختلف المراحل الدراسية، حيث يلجأ العديد منهم للاستفادة منها في شرح المواد أو تلخيصها أو الإجابة عن الأسئلة الصعبة التي يجدون صعوبة في فهمها.
لكن السؤال المهم هو ما الأثر الذي يتركه الذكاء الاصطناعي على الطلاب؟ وهل هذا التأثير إيجابي أم سلبي؟ حاولت دراسة أعدها الباحثون في المعهد الأسترالي للتعلم الآلي بجامعة أديلايد وجامعة جنوب أستراليا إلى جانب مركز داتا ست وستين التابع لمنظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية الإجابة عن هذا التساؤل.
اعتمدت الدراسة على منهجية جيرت بيبستا التعليمية التي تقيس جودة التعليم من خلال ثلاثة محاور، الأول الكفاءة التي تعكس مدى اكتساب الطالب للمعرفة والمهارات والقدرات، والثاني الارتباط الاجتماعي الذي يقيم قدرة الطالب على الاندماج في المجتمعات الثقافية والاجتماعية والتعلم التعاوني، والثالث القدرات الذاتية التي تتعلق بقدرة الطالب على اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية بشكل مستقل.
واستندت الدراسة إلى تحليل تجميعي لأكثر من مئة وثلاثين دراسة منفصلة تضمنت مئة وثمانين تجربة بين عامي 2022 و2025، وشملت مراحل تعليمية متنوعة من رياض الأطفال وحتى التعليم العالي. واعتمدت أغلب التجارب على نموذج شات جي بي تي بشكل أساسي، حيث تم استخدامه في أكثر من ثمانين بالمئة من التجارب.
أظهرت النتائج أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كان له أثر إيجابي واضح على كفاءة التعليم وجودة العملية التعليمية، إذ حقق الطلاب الذين استخدموا الذكاء الاصطناعي معدلات تحصيل أعلى مقارنة بأقرانهم، خاصة عندما وُجد إطار واضح لاستخدام هذه الأدوات لتحقيق النتائج المرجوة وفهم المطلوب منهم.
كما لوحظ أثر إيجابي على التفاعل الاجتماعي بين الطلاب، إذ شجعت الأدوات على المناقشة الجماعية ومشاركة النتائج، لكن هذا التأثير كان مرتبطًا بكيفية استخدام الطلاب للذكاء الاصطناعي. أما تأثيره على القدرات الذاتية فكان الأقل، رغم أنه كان إيجابيًا بشكل عام، ويُعزى ذلك إلى أن الذكاء الاصطناعي يتخذ القرارات العلمية وينفذ المهام دون إشراك الطلاب بشكل كامل.
ولا يمكن الجزم بشكل قاطع بأن أثر الذكاء الاصطناعي إيجابي أو سلبي، فالأمر يعتمد على طريقة استخدام الطالب له. فإذا تم الاعتماد عليه كمدرس مساعد يوضح المفاهيم ويشرح ما لم يفهمه الطالب، يكون الأثر إيجابيًا، أما إذا استخدمه لإنجاز المهام نيابة عن الطالب دون محاولة الفهم، يتحول الأثر إلى سلبي بشكل كبير.
وتؤكد الدراسة أهمية توفير الدعم المناسب وآليات التقييم المرنة، إذ إن الطلاب البارعين في استخدام التكنولوجيا يستفيدون من أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر من غيرهم بغض النظر عن المستوى التعليمي.
إرسال تعليق