آخر الأخبار

الروبوتات التشاركية.. بين الثورة التقنية وأزمة الثقة المجتمعية


 باتت الروبوتات الذكية حقيقة واقعة تغزو مستودعات التخزين وغرف العمليات ومناطق الكوارث، لكن السؤال الأهم يبقى: كيف يمكن لهذه الآلات أن تكسب ثقة البشر؟ المشهد العالمي اليوم يشهد انتشاراً متسارعاً للروبوتات التشاركية التي تعمل جنباً إلى جنب مع البشر في بيئات عمل متنوعة.

في المستودعات الكبرى، تقلص الروبوتات مثل Proteus في أمازون معدلات الإصابات بين العمال، بينما تتقدم الروبوتات الإطفائية في الصين إلى بؤر الخطر لإنقاذ الأرواح. حتى في القطاع الصحي، أثبتت الروبوتات مثل Moxi كفاءتها بإنجاز نصف مليون مهمة مساعدة للممرضات.

لكن هذه الثورة التقنية تواجه تحدياً جوهرياً يتمثل في فجوة الثقة بين البشر والآلات. المشكلة تكمن في التناقض بين سرعة التطور التقني وبطء التشريعات المنظمة. فبينما تعمل الروبوتات الصناعية التقليدية خلف حواجز أمان، تتحرك الروبوتات التشاركية في فضاءات مفتوحة وسط العمال.

الاتحاد الأوروبي خطا خطوات مهمة عبر قانون الذكاء الاصطناعي الذي يصنف الأنظمة حسب مستوى الخطورة. أما في الولايات المتحدة، فتتوزع المسؤوليات بين وكالات متعددة، مما يخلق حالة من التشرذم التنظيمي.

خبراء السلامة مثل أمير صديقي من شركة reasonX Labs يؤكدون أن بناء الثقة يتطلب معايير دقيقة في السلامة والأمن والخصوصية. بعض المبادرات بدأت تتبنى مفهوم "حالات الجدارة بالثقة" المستوحى من معايير صناعة الطيران، لكن معظم هذه المعايير تبقى اختيارية دون آليات إنفاذ واضحة.

التجارب العملية تثبت أن الثقة لا تبنى بين ليلة وضحاها. حوادث مثل دهس روبوت أمني لطفل في ستانفورد عام 2016 تذكرنا بأن المخاطر قائمة رغم كل الاحتياطات. لذلك، يحتاج القطاع إلى استثمارات كبيرة في الحوكمة والشفافية، مع معايير قابلة للقياس ورقابة مستقلة.

الروبوتات مثل Cray X Exosuit التي تخفف أعباء عمال المستودعات، أو Unitree B2 الذي يحمي رجال الإطفاء، تثبت أن الفوائد كبيرة. لكن المستقبل يتطلب أنظمة ذكية تخضع للمساءلة، قابلة للتفسير، وآمنة بشكل مطلق، لضمان أن تكون هذه الثورة التقنية في خدمة البشرية دون عواقب غير مقصودة.

التعليقات

أحدث أقدم

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة.